في مقاله "النخب وشروط البناء السياسي"، هاجم الدكتور برهان غليون النخب العربية، متهماً إياها بالقصور والعجز وبأمراض أخلاقية ومعرفية ومهنية كثيرة. لكن فات على الكاتب أن النخب ما هي إلا نتاج مجتمعها، فهي جزء منه، تتكون على هيئته وتولد على صورته. كما فات عليه أن يلاحظ أن المجتمعات العربية لم تتطور في ظروف طبيعية ووفق ميكانيزمات النمو الذاتي، بل إن عوامل خارجية كثيرة تدخلت في نموها وألحقت به تشوهات هائلة، من الاستعمار الأوروبي الذي خلق له نخباً تلائمه، مروراً بإسرائيل التي زرعها ذلك الاستعمار واستنزفت بحروبها وغزواتها واحتلالاتها المتواصلة، جزءاً كبيراً من طاقات وموارد وإمكانات العالم العربي، المادية والمعنوية. ثم إن الوطن العربي هو المنطقة الوحيدة في العالم التي خضعت أجزاء منها مرة أخرى للاحتلال في القرن الحادي والعشرين (العراق، الصومال، فلسطين، لبنان، الجولان). لذلك لا يجوز أن نبحث عن مواصفات النخبة الفرنسية أو الأميركية في نظيرتها العربية، حتى إذا لم نجد تطابقاً اتهمنا العربية بالعجز والانحراف وفقدان الأهلية! محمد بشير -البحرين