في محاولة منه لمواجهة الانتقادات التي يشنها خصومه الجمهوريون على مشروع إصلاح الرعاية الصحية الذي تتبناه إدارته، وجّه الرئيس أوباما دعوة إلى "مايكل سميركونيش"، وهو مذيع محافظ لبرنامج talk-radio الحواري لإعداد برنامجه من غرفة الاستقبال الدبلوماسي في البيت الأبيض مباشرةً. وحسب الترتيبات المقررة، فقد ظهر أوباما في البرنامج بين الساعة الواحدة وعشر دقائق وحتى الساعة الواحدة وثلاثين دقيقة ظهراً، بينما بُث اللقاء الحواري الذي أجاب فيه أوباما على أسئلة جمهور المحافظين مباشرة عبر عدد من الشبكات والقنوات الفضائية والإذاعية. وعلى حد تصريح "جوشوا إيرنست"، الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض، فثمة الكثير من التشويش والمعلومات المغلوطة عن برنامج إصلاح نظام الرعاية الصحية الذي تتبناه الإدارة، لاسيما في أوساط الجمهوريين والمحافظين. وسوف يوفر هذا البرنامج فرصة عظيمة لتصحيح هذه المفاهيم ومواجهتها بالحقائق. وأوضح الناطق الرسمي أن مقدم البرنامج وجّه دعوة إلى البيت الأبيض منذ فترة للمشاركة في برنامجه، وأنه كان على الأخير تلبية الدعوة. يذكر أن لـ"سميركونيش" انتماءات جمهورية محافظة لا تخفى، غير أنه أعلن دعمه للمرشح الرئاسي باراك أوباما قبل انتخابات نوفمبر الحاسمة، إلى جانب إعلان تأييده لقوانين الإجهاض التي يدعمها الديمقراطيون. ورغم أنه شديد التمسك بتبني استراتيجية متشددة وحازمة تجاه الإرهاب، إلى جانب تأييده لعقوبة الإعدام، إلا أنه لا يبدي التشدد نفسه إزاء زواج المثليين وحرياتهم الشخصية. ولهذه الأسباب فإن برنامجه عادة ما يستقطب النخبويين المنفتحين غير العقائديين. وعندما سئل عن نوع الجمهور الذي يتوقعه للحلقة الحوارية بين الجمهور والرئيس أوباما، أكد أنه لن يمنح زمن البرنامج المحدود لذلك النوع من الجمهور الذي ليس لديه ما يقوله سوى الثناء على أوباما وإدارته. وقال أيضاً إنه يتوقع أن يجيب أوباما على أسئلة صعبة يوجهها إليه الجمهور بشأن الكيفية التي سيمول بها مشروع إصلاحه لنظام الرعاية الصحية. واستطرد "سميركونيش" قائلا إنه يرغب في أن يوضح الرئيس للجمهور الأميركي أسباب توسع حكومته وتطاول نفوذها وتدخلها في كافة مفاصل حياتهم. كما ورد عن "سميركونيش" في لقاء صحفي أجري معه قوله: لطالما سمعت الكثير من الأميركيين وهم يعربون عن عدم رغبتهم في الاستمرار في سداد فواتير برامج حكومية لا حد ولا نهاية لها. وأعرب كثيرون أيضاً عن استيائهم من تدخل الحكومة في كل شأن من شؤون حياتهم اليومية. وأوضح المتحدث أن هؤلاء ليسوا من عامة الأميركيين، بل هم من رموز أبناء وبنات الطبقة المتوسطة الذين يعبرون عن تذمرهم من تزايد تدخل الحكومة في نشاط البنوك وصناعة السيارات ثم الرعاية الصحية... إلخ. من جانبه، ينظر البيت الأبيض إلى فكرة برامج إذاعية كهذه على أنها فرصة ملائمة له من أجل تصحيح المفاهيم الخاطئة التي يشيعها الجمهوريون وخصوم الإدارة من المحافظين عن أوباما وسياسات واستراتيجيات إدارته، ليس في مجال الرعاية الصحية وحدها، بل عن كل ما يرتبط بها من برامج ومبادرات للتغيير. وبينما سعى الرئيس مرات عديدة ومتكررة إلى شرح أهداف إدارته وسياساتها من خلال اللقاءات التي تعقد بينه وبين الجمهور في قاعات الاجتماعات العامة، في المدن والبلدات، فمن الملاحظ أنه عادة ما يواجه بالإطراء والاستحسان من قبل جمهور مؤيد له ومتعاطف مع إدارته على نحو ما. هذا ومن رأي "لاري سيزلر"، وهي محللة سياسية وصديقة مقربة لسميركونيش، أن مقدم البرنامج يمثل القسم المعتدل من الجمهوريين والمحافظين. وفيما لو نجحت إدارة أوباما في إقناع هذه الفئة الوسطية المعتدلة من الجمهوريين، من خلال برامج إذاعية وتلفزيونية كهذه، تبث من البيت الأبيض، فإن ذلك يعني نجاحها في عزل التيار اليميني المتطرف من الجمهوريين. -------- بيتر نيكولاس كاتب ومحلل سياسي أميركي -------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"