في إطار عملية التطوير المستمرّة التي يشهدها قطاع التعليم في دولة الإمارات نحو تحقيق أعلى معايير الجودة والفاعليّة، فإن العنصر المواطن له دوره الكبير الذي يمكن أن يلعبه بوصفه ركيزة أساسية من ركائز العمليّة التعليميّة في مراحلها كلّها، وهذا ما أكده بشكل واضح حميد القطامي، وزير التربية والتعليم، مؤخراً، من خلال الإشارة إلى أن الوزارة قد بدأت في رفد هيكلها التنظيمي بخبرات مواطنة متميّزة لإدارة دفة أعمال التطوير المنشودة في المجال التعليمي، وأن العنصر المواطن هو ركيزة الانطلاق خلال المرحلة المقبلة. لقد أثبتت العناصر المواطنة جدارتها وكفاءتها في المواقع كلّها التي انخرطت فيها، وتولت مسؤوليات أساسية فيها، وأتيحت لها الفرصة داخلها لطرح أفكارها ومبادراتها، ولاشكّ في أن هناك الكثير من العناصر المواطنة ذات الكفاءة العالية في المجال التعليمي وصاحبة الخبرات الطويلة التي يمكن الاستفادة منها في أيّ توجهات تطويرية، ولهذا فإن ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من فتح المجال أمام هذه العناصر للمشاركة بقوّة في قيادة التعليم وتطويره، ومنحها الثقة الكافية بقدراتها وكفاءاتها، يمثل إضافة مهمّة إلى الحقل التعليمي، ومنطلقاً نحو دور فاعل للعناصر المواطنة في هذا المجال خلال الفترة المقبلة، وهذا من شأنه أن ينعكس إيجاباً على مجمل العملية التعليمية في ضوء اعتبارين أساسيين، أول هذين الاعتبارين أنه مع أهميّة الخبرات الأجنبية ودورها في تطوير التعليم وتنميته، فإن الخبرات المواطنة أكثر إلماماً بظروف المجتمع وحاجاته الحقيقيّة، وأكثر معرفة بما يحتاج إليه على المستوى التعليمي، ولذلك فإن انخراطها في أيّ استراتيجية تطوير يعدّ أمراً أساسياً وجوهرياً، وهذا ما تدركه القيادة الإماراتية الرشيدة، وتدفع إلى تطبيقه. الاعتبار الثاني هو أنه إذا كان وجود العناصر المواطنة أمراً مهماً وأساسياً في مجالات العمل الوطني وحقولها كلّها، فإن المسألة تصبح أكثر أهميّة وإلحاحاً إذا تعلقت بحقل التعليم الذي يتصل اتصالا عميقاً بالأمن القومي للدولة بمفهومه الشامل من ناحية، وبهويّتها الحضارية والثقافية من ناحية أخرى، فالتعليم هو المجال الرئيسي الذي يتم من خلاله زرع القيم والتوجّهات تجاه الذات والوطن والآخر، ولذلك فإنه من المهمّ أن تكون مفاصله الرئيسية في أيدي المواطنين، سواء على مستوى التدريس، أو الإدارة، أو التخطيط. ولكي يكون للعنصر المواطن دوره المؤثّر في الحقل التعليمي بالدولة، لابدّ، أولا، من جعل هذا الحقل من الحقول الجاذبة له من خلال الحوافز والامتيازات التي يقدّمها، والأمان الوظيفي الذي يمنحه للعاملين فيه، وبالتالي تشجيعهم على الالتحاق به وأخذ مكانهم على ساحته. تنظر دولة الإمارات إلى التعليم على أنه قاطرة التقدّم والتنمية، ولذلك فإنها تتبنّى خططاً على مستويات مختلفة لتطويره ورفع مستواه، وتحرص على توفير كل الإمكانات المادية والبشرية لنجاح هذه الخطط في تحقيق الأهداف المرجوّة منها، وهذا يتيح فرصة كبيرة أمام العناصر المواطنة لتأكيد وجودها على الساحة التعليمية ودورها في الارتقاء بها، خاصّة أن الدولة تفتح أمامها المجال لتقديم أفكارها ورؤاها، وتتيح لها المشاركة الفاعلة في إدارة عملية التطوير والتحديث.