انتهاكات في إيران ورؤية لمستقبل أفغانستان ---------- تردي أوضاع حقوق الإنسان في إيران، بناء المستقبل الأفغاني، الوضع الأمني في العراق، وعليكم أن تثقوا بحكمة سقراط عند تأملكم للأزمة الاقتصادية... وعين سقراط الاقتصادية هي أهم الموضوعات التي نعرض لها في هذه اللمحة السريعة من الصحافة البريطانية الصادرة خلال الأسبوع الحالي. ------------ استمرار الانتهاكات في إيران: علق الكاتب"هنري نيومان" في مقال له نشر بصحيفة "الجارديان" الصادرة بتاريخ 16 أغسطس الجاري، على استمرار تدهور حقوق الإنسان في إيران، منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية قبل شهرين. وتمثلت هذه الانتهاكات، حسب رأيه، في حملات الاعتقال الجماعي التي يتعرض لها المحتجون، والقمع الوحشي للمظاهرات السلمية من قبل أجهزة أمنية عديدة تابعة للنظام. وعلى الصعيد الدولي، مضت طهران خطوات بعيدة في تخريب علاقاتها مع عدد من الدول الغربية، خاصة بريطانيا وفرنسا، عبر مزاعم بتدخل هاتين الدولتين في شؤونها الداخلية. كما شملت الإجراءات اعتقال عدد من الموظفين المحليين العاملين في سفارتي الدولتين، إلى جانب توقيفها لعدد من مواطنيها. ورغم اختفاء المظاهرات الشعبية من الشوارع العامة، إلا أن مشاعر الغضب والتذمر لا تزال تعم قطاعات واسعة من الشعب الإيراني، بينما تتواصل الخلافات العميقة داخل النخبة الدينية الحاكمة. ويذكرنا الكاتب بأن النائب العام الإيراني "قربان على دوري نجفبادي" كان قد اعترف في شهر يوليو المنصرم باعتقال السلطات الأمنية لما يزيد على 2500 من المتظاهرين في العاصمة طهران وحدها. وتحوي قائمة "الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران" أسماء حوالي 240 من كبار الشخصيات الإيرانية رهن الاعتقال. وأشارت معلومات الحملة إلى أن غالبية هذه الشخصيات تم اعتقالها بواسطة عملاء لم يكشفوا عن هوياتهم واقتيدوا إلى أماكن لا تزال مجهولة. وقال الكاتب إن هذه الممارسات تعد انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية التي تنص عليها القوانين الإيرانية والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها طهران، ومن ثم فعلى المجتمع الدولي أن يواصل تعريته لهذه الانتهاكات وانتقادها. كيف يبني الأفغان مستقبلهم: تُعد أفغانستان من أفقر دول العالم على الإطلاق، رغم غناها بالموارد الطبيعية. هكذا بدأ الكاتب "أشرف غاني"، وزير مالية أفغانستان بين عامي 2002 و2004، مقاله المنشور في صحيفة "فاينانشيال تايمز" الصادرة في الثاني عشر من الشهر الحالي. ومن رأيه أن الانتخابات المقبلة، تمثل فرصة ذهبية للشعب الأفغاني كي يمسك بها لاختيار حكومة همها وتوجهها الأول هو التنمية الاقتصادية من أجل مصلحة عامة الشعب، بدلاً عن سياسات الحكومة الحالية التي تساعد على تركيز الثروات الوطنية كلها في يد حفنة من الموالين لها. وسواء في قطاع الطاقة أم الزراعة أم التعدين والإنشاءات، فإن لأفغانستان من الموارد ما يلزم للدفع بعملية التنمية المستدامة، القادرة على تحقيق الاستقرار الاقتصادي المعيشي لغالبية الأفغان لعدة عقود مقبلة. وإذا ما تمكنت كابول من الانضمام إلى إطار تعاون اقتصادي إقليمي مع الدول المجاورة لها، فسوف يكون بوسعها أن تتحول إلى معبر لتدفق السلع والبضائع والخدمات، ولمد أنابيب النفط والغاز الطبيعي عبر حدودها إلى منطقة جنوب آسيا ووسطها، وصولاً إلى منطقة الشرق الأوسط والصين. وبنى الكاتب رؤيته هذه على خبرته السابقة، حيث تولى مسؤوليات وزارة المالية، وبذل ما استطاعه من جهد لإجراء الإصلاحات الاقتصادية التي تزداد حاجة بلاده إليها. ليضمّد الزمن وحده جراح العراقيين: هذا ما قاله الكاتب "باتريك كوكبيرن" في مقاله بصحيفة "ذي إندبندنت". يرى الكاتب الذي كان أحد الجنود البريطانيين في العراق، أن الوضع الأمني شهد تحسناً نسبياً، مقارنة بما كان عليه خلال الأعوام 2005-2007 عندما كانت تتكدس في الشهر الواحد جثث 3 آلاف من القتلى. كما يمكن القول إن بغداد أصبحت أكثر أمناً مما كانت عليه. إلا أن هذا لا ينفي كونها أخطر مدن العالم، تليها في المرتبة الثانية مباشرة العاصمة الصومالية مقديشو. وعند عودتي من العراق -والحديث للكاتب- كثيراً ما سئلت عن حقيقة تحسن الأوضاع عقب تطبيق استراتيجية زيادة عدد القوات. وكانت إجابتي الثابتة عن تلك الأسئلة هي حدوث تحسن نسبي في الوضع الأمني، إلا أن العراق لم يشهد مطلقاً التحسن الذي روجت له حملة تسويق الاستراتيجية الأمنية الأميركية إعلامياً. والسؤال الأكثر إثارة للقلق هذه الأيام: ما إذا كان عقد الأمن قد بدأ بالانفراط مجدداً عقب انسحاب القوات الأميركية؟ وتأتي إجابتي بالقول إن الأسابيع القليلة الماضية التي أعقبت انسحاب القوات الأميركية من المدن، شهدت ارتفاعاً في التفجيرات والعمليات الانتحارية اليومية، مما يعني زيادة عدد قتلى وضحايا تلك الهجمات. لكن يجب القول إن القوات الأميركية لم تتمكن قط من وقف هذه الهجمات، حتى عندما كانت في أوج قوتها ومنعتها. انظروا إلى الأزمة العالمية بعيون سقراط: هذه افتتاحية طريفة لصحيفة "الأوبرزرفور" في عددها الأخير. فقد دعت المراقبين لمسار وتطورات الأزمة المالية الاقتصادية العالمية، للنظر إليها ليس بعيون "الخبراء" المثيرين للريبة والخيبة، وإنما بعيون الفيلسوف اليوناني سقراط. وقد عرفت عن الأخير قدرته على اكتشاف جهله بالأشياء من حوله. وعند النظر بعين "سقراطية" إلى الأزمة الحالية، يمكن القول إن سقراط كان مفكراً اقتصادياً سابقاً لعصره بقرون كثيرة! ذلك أنه ليس هناك أي ممن يسمون بـ"الخبراء" عاد قادراً على فهم ما يجري في اقتصادات العالم اليوم. وليست هذه الفوضى خاصة باقتصادات الدول الغربية وحدها، وإنما هي ضاربة كذلك في القارة الآسيوية كلها، مع ما نرى من تأرجح لاقتصاداتها بين القوة والضعف ثم الضعف بين دولة وأخرى من دولها. واحتكاماً إلى سقراط، فإنه من الأفضل للدول أن تحدد النموذج الاقتصادي الذي تريده لأمتها. وتلك دعوة لها كي "تعرف نفسها" بصيغة الأمر التي أطلقها سقراط. إعداد: عبد الجبار عبد الله