"أحبك يا رجل" فيلم أميركي كوميدي؛ ولأن الكوميديا تنقلب إلى تهريج أحياناً، فقد قرر مؤلف الفيلم زيادة جرعة السخافة بتسمية كلب أحد الأبطال باسم الرئيس المصري الراحل أنور السادات. ما جاء في هذا الفيلم الذي يصنّف ضمن أفلام المقاولات العامة، لا يمثل إلا ذوق أو قلة ذوق مؤلف الفيلم والقائمين عليه، والسبب هو السقوط في وحل التهريج، كما يهرّج بعض العرب على لهجات وأزياء بعضهم الآخر عبر مسرحياتهم وبرامجهم الكوميدية الخفيفة. لكن لهواة افتعال الضجيج رأي آخر، فقد ثاروا على ثلاثة مشاهد في الفيلم لا علاقة لها بأحداثه، وهي المشاهد التي يظهر فيها اسم السادات، وعدّوا الفيلم حلقة في سلسلة معاداة هوليوود للعرب والمسلمين؛ لأن عاصمة السينما العالمية رهينة بيد حفنة من الصهاينة. والرد يأتي من أفلام هوليوود نفسها، وما عليك سوى أن تجنّد نفسك يوماً واحداً وتتابع أفلامها لترى الفيلم تلو الآخر ينتقد ويدين ويهزأ بما يخطر ولا يخطر على البال، في أميركا وخارجها، وستلاحظ أن أحداً لم يسلم من أفلام هوليوود. ولم يتلق رئيس أميركا السابق جورج بوش إهانة كالتي وصلته من مواطنه مايكل مور في فيلمه التسجيلي الشهير "فهرنهايت 9/11". وفي فيلم "هارولد وكومار يهربان من معتقل غوانتنامو"... تمت الاستعانة بممثل يشبه جورج بوش لأداء دوره، ويظهر بوش في الفيلم وهو يحشش ويتصرف مثل الأغبياء. وليست هناك إدانة للشرطة الأميركية أكثر من فيلم "رجل عصابة أميركي" لدنزل واشنطن، والذي يظهر فيه كل رجال الشرطة في الولاية مرتشين، لدرجة أن الشريف بينهم يصبح محط سخرية. وإذا كانت القضية قضية إساءة، فلم يسيء شيء للمجتمع الأميركي أكثر من فيلم "الجَمال الأميركي" لأسرة أميركية مفككة ومنفلتة من القيم الاجتماعية. وأفلام كثيرة تصوّر الأميركيين من أصل إيطالي بأنهم رجال عصابات، مثل فيلم "كازينو" وفيلم "العرّاب"، وهو من عدة أجزاء. وهناك أفلام كثيرة عن السود، وفيها يكون المجرم أسود اللون، وفي المقابل هناك أفلام تسخر من البيض، كفيلم "صالون الحلاقة"، وأبطاله سود يعملون في صالون حلاقة يعمل معهم شاب أبيض وحيد، ويظل الأبطال طيلة الوقت يسخرون من البيض. وهوليوود لم توفّر غير العرب في "العداء"، فهناك أفلام تسيء للروس، كفيلم ""أنديانا جونز ومملكة جمجمة الكريستال" الذي طالب أعضاء في الحزب الشيوعي الروسي بحظره. وندد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بفيلم عن اسبارطة التي أراد الفرس غزوها؛ لأن الفيلم إهانة لشعب وحضارة إيران. وهناك أفلام كثيرة تسخر من اليهود وتصفهم بالأغبياء والبخلاء، ويكفي فيلم "آلام المسيح" الذي يحكي قصة آخر 12 ساعة في حياة المسيح، ويظهر زعماء اليهود في الفيلم على أنهم الأشرار... ولا أدري كيف وُلد وانتج هذا الفيلم في هوليوود التي يسيطر عليها الصهاينة؟ وكذلك فيلم "تاجر البندقية" بطولة آل باتشينو، والذي يؤدي دور اليهودي المرابي. وهناك أفلام تعادي الديانة المسيحية، وأهمها فيلم "شفرة دافنشي" الذي يطعن في أصل العقيدة المسيحية، وفيلم "ملائكة وشياطين" الذي يسيء لرجال الدين المسيحيين. وإذا كانت هناك أفلام تعادي العرب والمسلمين، فهناك أفلام على العكس من ذلك، كفيلم "التسليم" لقصة شاب عربي تلقي السلطات الأميركية القبض عليه للاشتباه بأنه إرهابي، وترسله لبلد آخر يسمح فيه بالتعذيب، ثم تظهر في النهاية براءته. وهذا الفيلم من بطولة "ريس ويذرسبون" و"ميريل ستريب"، الحائزين على الأوسكار. وفيلم "عداؤو الطائرة الورقية" الذي يحكي قصة أفغاني هرب مع والده من بطش "طالبان"، ويهدف الفيلم إلى إرسال رسالة بأن ليس كل الأفغان إرهابيون. وفي أميركا نفسها، موطن هوليوود، أنشئ العام الماضي "مركز معلومات المسلمين على الشاشة"، يعمل على تقديم معلومات دقيقة عن الإسلام للعاملين في مجال الإنتاج السينمائي بدلاً من اللجوء إلى الصورة النمطية التي تشكلت عنهم في السينما الأميركية، ويضم المركز عدداً من كبار مخرجي ومنتجي هوليوود... ولم يقف وراء فكرة تأسيس المركز عربي أو مسلم واحد. قد تكون هوليوود المشغل الرئيسي لماكينة الإعلام الأميركية، لكن ما يُنتج فيها هو بالأساس ثمرة الحرية غير المقيدة التي يتمتع بها المجتمع الأميركي وصنّاع الأفلام، والتي تجعلهم لا يقفون عند حدود.