ازدواجية الجيش الإسرائيلي وزيارة مبارك لواشنطن دعوة إلى إعلان الإدارة الأميركية عن خطتها للسلام، وازدواجية المعايير الأخلاقية في الجيش الإسرائيلي، وزيارة مبارك إلى واشنطن، وأولويات أميركية بعيدة عن الشرق الأوسط... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية \"الحاجة إلى خطة أميركية واضحة\": خصصت صحيفة \"هآرتس\" افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء للحديث عن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير الداخلية الإسرائيلي \"إيلي يشاي\" بشأن مسألة تجميد الاستيطان، فمعروف أن وزير الداخلية من أشد مؤيدي توسيع المستوطنات ومن الصقور المعروفين بمواقفهم المتصلبة في حكومة نتنياهو. ففي رده على تقرير للنيابة العامة الإسرائيلية حول البؤر الاستيطانية، قال: \"علينا أن نعيد صقل تعريفاتنا في ضوء الاتهامات التي توجه لنا، تلك المستوطنات ليست خارج القانون، بل هي تجمعات تم إنشاؤها بدعم من الحكومة الإسرائيلية\". لكن الصحيفة ترى أنه حتى لو لجأ البعض داخل الحكومة، ووزير الداخلية واحد منهم، إلى نوع من الفذلكة اللغوية لتغيير معنى البؤر الاستيطانية ولإضفاء نوع من الشرعية على خلقها في الأراضي الفلسطينية، فهي تتساءل عن الضغوط الأميركية وكيفية تعامل الحكومة اليمينية مع المطالب المتصاعدة بضرورة تجميد المستوطنات وإطلاق المفاوضات مع الفلسطينيين. والحقيقة، تقول الصحيفة، إن هذا التجاذب الأميركي- الإسرائيلي حول موضوع المستوطنات وتصلب الحكومة الحالية في مواقفها الرافضة لوقف البناء الاستيطاني، ولد انطباعاً مزيفاً بأن جوهر القضية هو المستوطنات نفسها وليس المفاوضات مع الفلسطينيين. وكما تقول الصحيفة، فإن الانغماس في قضايا هامشية، أو خلف صراعات ثانوية، ربما يكون مطلوباً بذاته لاختزال المفاوضات حول مسألة الاستيطان دون غيرها. وترجع الصحيفة هذا التلاعب إلى تأخر إدارة أوباما في الكشف عن خطتها للسلام في الشرق الأوسط، داعية إلى ضرورة استغلال مناسبة وجود الرئيس المصري في واشنطن للإعلان عنها، ووضع حد للنقاش العقيم الذي يحيط حالياً بقضية الاستيطان داخل إسرائيل. \"أخلاق الجيش الإسرائيلي\": في مقاله المنشور على صفحات \"هآرتس\" يوم الأحد الماضي، تطرق الكاتب والصحفي \"جيدعون ليفي\" إلى ما يجري حالياً داخل الجيش الإسرائيلي من تحقيقات تطال مجموعة من كبار الضباط، مرة لأن ابن أحدهم استخدم سيارة عسكرية، وتارة أخرى بسبب شكاوى بعض المجندين ضد المعاملة القاسية التي يتلقونها من زملائهم الأقدم في الخدمة العسكرية... وبسرعة غير متوقعة، تحولت هذه الأحداث إلى مؤشر على معضلة أخلاقية داخل المؤسسة العسكرية، بل دفعت بقائد الأركان الجنرال \"جابي أشكنازي\" إلى التدخل والإدلاء بتصريح يدين فيه جميع السلوكيات اللاأخلاقية والتي كان من بينها مثلاً ضبط أحد الجنرالات في نادٍ للتعري بتل أبيب. لكن ماذا عن تقرير منظمة \"هيومان رايتس ووتش\" الذي أشار إلى قتل عناصر الجيش الإسرائيلي 11 مدنياً فلسطينيًا، منهم خمس نساء وأربعة أطفال، خلال عملية \"الرصاص المتدفق\" في غزة وهم يحملون رايات بيضاء؟ يتساءل الكاتب: لماذا لم نسمع أحداً يثير مسألة الأخلاق داخل الجيش ويسعى إلى فتح تحقيق في الموضوع؟ فقيادة ابن أحد الضباط لسيارة عسكرية تعود لوالده، ممنوع، لكن قتل أطفال فلسطينيين يحملون راية بيضاء عمل، مسموح به ومبرر ومقبول! وإذا كان انتهاك حقوق بعض الجنود في الجيش محظور وغير أخلاقي في حين أن انتهاك حقوق الفلسطينيين مسموح به، فذلك يعني أننا \"نتحدث عن نوعين من الأخلاق، وهو ما يقودنا إلى ازدواجية المعايير ونزع الإنسانية عن الفلسطينيين\". وعندما يفتح قائد الجيش الجنرال \"أشكنازي\" تحقيقاً في قضايا تافهة ويغفل عن متابعة الانتهاكات الخطيرة التي ترتكب ضد المدنيين الفلسطينيين، فإنه فقط يستر عيوباً خطيرة بالتستر وراء قناع الأخلاق في محاولة رخيصة لتجيير اتهامات المنظمات الدولية للجيش الإسرائيلي بارتكابه جرائم حرب. \"مبارك في واشنطن\": بهذا العنوان، استهلت صحيفة \"جيروزاليم بوست\" افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي متناولة زيارة الرئيس المصري، حسني مبارك، إلى واشنطن ومستعرضة بهذه المناسبة العلاقات الأميركية -المصرية. فبعد فترة من الفتور الذي اعترى العلاقات بين البلدين خلال إدارة بوش بسبب ضغوطها من أجل الإصلاح السياسي، يعود مبارك ومعه العلاقات بين الجانبين إلى سابق عهدها. وما الزيارة التي يقوم بها مبارك حالياً إلى الولايات المتحدة، تقول الصحيفة، إلا لتأكيد التحالف بين البلدين والدور الكبير الذي تلعبه مصر في ساحة الشرق الأوسط. وتشير الصحيفة إلى أن الموضوعين الأساسين اللذين سيتصدران أجندة المباحثات بين الرئيسين، مبارك وأوباما، هما الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني وقضية العلاقات الاقتصادية. وفي هذا السياق، تذكر الصحيفة بمجموعة من الأرقام والحقائق، مثل حجم التجارة بين القاهرة وواشنطن الذي وصل إلى 8.4 مليار دولار، واستقرار الدعم الأميركي السنوي لمصر عند ملياري دولار. ثم تضيف أن مصر تسعى من خلال هذه الزيارة إلى توسيع العلاقات التجارية وإخراجها من نطاقها الضيق، فضلاً عن رغبتها في خفض حجم مساهمة الشركات الإسرائيلية في المناطق الصناعية المؤهلة داخل مصر والتي تتمتع بامتيازات تسويق منتجاتها داخل الولايات المتحدة. لكن الصحيفة ترى أيضاً في الزيارة فرصة للطرف الأميركي كي يضغط على مصر لتسهل عملية التفاوض بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، والتوقف عن المطالبة بوقف الاستيطان؛ لأنه، وكما تقول الصحيفة، سيتم في جميع الأحول نقل التجمعات اليهودية الكبرى إلى داخل إسرائيل في أي اتفاق سلام. \"لا داعي للقلق\": بهذا العنوان، استهل الصحفي الإسرائيلي \"يورام إيتنجر\" مقاله المنشور على صفحات \"يديعوت أحرنوت\"، موجهاً نصيحته إلى رئيس الوزراء نتنياهو الذي يواجه في هذه اللحظة ضغوطاً واضحة من الإدارة الأميركية. فحسب الكاتب، ليس موضوع الشرق الأوسط والصراع العربي- الإسرائيلي من الأولويات الملحة في الأجندة الأميركية؛ لأن صراعاً دام ستين عاماً دون حل يمكنه الاستمرار في الطريق نفسه، ناهيك عما يعتبره الكاتب انشغال أميركا بأمور أهم من ذلك، في مقدمتها الأزمة الاقتصادية الداخلية التي تفتك بالمؤسسات المالية الأميركية، وهي أزمة دفعت الأميركيين إلى التصويت بكثافة على أوباما لثقتهم في قدرته على حلها وتخليصهم من شبح البطالة وفقدان المنازل. وحتى على الصعيد الخارجي، يرى الكاتب أن القضايا العاجلة التي تلح على أميركا توجد في أماكن أخرى بعيدة عن الصراع العربي- الإسرائيلي؛ في العراق وأفغانستان وباكستان، مشيراً في الوقت نفسه إلى السوابق التي استطاعت فيها إسرائيل تحدي الضغوط الأميركية، وتمكنت من فرض وجهة نظرها دون أن تتضرر العلاقات المتينة بين أميركا والدولة العبرية. إعداد: زهير الكساب