مشروع "اعرفي حقوقك"، الذي يستعدّ "الاتحاد النسائي العام" لإطلاقه في شهر أكتوبر المقبل، هو مشروع حضاري مهمّ ينسجم مع الدور التنموي الكبير الذي يقوم به الاتحاد تحت قيادة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، ضمن الاستراتيجية الوطنية لتقدّم المرأة. يتوجّه هذا المشروع "اعرفي حقوقك" إلى المرأة الإماراتية، ويهدف إلى تعريفها بحقوقها المختلفة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والقوانين المحلية والمواثيق الدولية التي كفلت وتكفل هذه الحقوق وترسّخها، ويأتي امتداداً لجهود "الاتحاد النسائي العام" المتواصلة في مجال دعم المرأة الإماراتيّة وتمكينها في المجالات كافة. وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى سلسلة الكتيبات التي أصدرها الاتحاد بعنوان "اعرفي حقوقك"، وهدفت إلى تنوير المرأة بحقوقها المختلفة، كما يعمل الاتحاد على إصدار موسوعة تشريعات المرأة التي تتضمّن كل القوانين الخاصة بالمرأة وحقوقها في المجالات كافة، لتكون بمنزلة مرجعية قانونية مهمّة لها يمكنها من خلالها أن تتعرّف بسهولة على ما تكفله لها القوانين والمواثيق المختلفة من حقوق، وما تضعه عليها من واجبات. تنبع أهمية مشروع "اعرفي حقوقك"، الذي يستعدّ "الاتحاد النسائي العام" لإطلاقه من اعتبارات أساسية عدّة، أول هذه الاعتبارات أن تعريف المرأة بحقوقها يمثل أحد أهم جوانب النهوض بها وتمكينها؛ لأن الجهل بهذه الحقوق أو عدم الإلمام ببعضها يمثل ثغرة يمكن أن تتعرّض المرأة من خلالها إلى الظلم أو الانتقاص في الحقوق، فضلاً عن إمكانية عدم الاستفادة ممّا يوفره لها المجتمع من هامش حركة للإسهام بدورها في العمل والإنتاج والتنمية. الاعتبار الثاني هو أن إدراك المرأة حقها وكيف أنه مكفول بالقانون، يعزّز قدرتها على الدفاع عنه، والمطالبة به، والحصول عليه من منطلق قوي، ويرفع عنها بالتالي أيّ شعور بالغبن. الاعتبار الثالث هو أن المرأة الإماراتية في مرحلة التمكين تمثل عنصراً أساسياً من عناصر التنمية والتطور في المجتمع وفقاً للفكر التنموي التنويري والرشيد للقيادة الإماراتية، ولذلك فإنها تحظى باهتمام كبير، وهناك حرص واضح على تدعيم مشاركتها في العملية التنموية على المستويات كافة، ووضعها في المناصب ومجالات العمل التي تستحقها، وأثبتت قدرة كبيرة على الوفاء بأعبائها. وفي هذا الإطار، فإن أيّ مشروع أو مبادرة أو خطة لرفع مستوى المرأة في دولة الإمارات، وزيادة وعيها بدورها وحقوقها في المجتمع، يحظى بأهمية كبيرة، ليس من قبل المنظمات النسائيّة فقط، وإنما على المستوى الوطني العام أيضاً، وذلك في ضوء القبول المجتمعي في الإمارات لدور المرأة ومشاركتها في التنمية في ظلّ سمة الانفتاح التي يتميز بها مجتمع الإمارات. إن مشروع "اعرفي حقوقك"، لا يمثل خطوة إماراتية حضارية للنهوض بالمرأة فقط، وإنما هو نموذج مهمّ للنهوض بالمرأة العربية بشكل عام أيضاً، حيث إن أحد أهم أسباب تراجع دور المرأة ومساهمتها في التنمية العربية هو جهلها بحقوقها في بعض المجتمعات في ظلّ الإحصاءات والدراسات التي تشير إلى أن نسبة الأميّة بين النساء أكبر منها بين الذكور على المستوى العربي بشكل عام، علماً بأن دولة الإمارات تعدّ واحدة من ثلاث دول عربية فقط نجحت في تحقيق التكافؤ بين الجنسين في المرحلتين الابتدائية والثانوية، كما تشهد ارتفاعاً واضحاً في معدلات تعليم المرأة، ومع ذلك فإن ما يبعث على الفخر والاعتزاز أن تكون دولة الإمارات رائدة في نشر الوعي بحقوق المرأة وصاحبة نموذج مهمّ يمكن الاستفادة منه عربياً. "اعرفي حقوقك" خطوة نوعيّة جديدة باتجاه تعزيز مكانة المرأة ودورها التنموي في مجتمع طموح يسعى إلى الاستفادة من طاقاته البشرية جميعها. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.