انتهت الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان العراقي يوم الخامس والعشرين من الشهر المنصرم، بفوز مسعود البارزاني برئاسة الإقليم بنسبة 69.6 في المائة، كما فازت لائحة "الاتحاد الوطني الكردستاني" بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني بنسبة 57 في المائة من الأصوات، في حين حصل "حزب التغيير" بزعامة نور شيروان مصطفى على نسبة 23.8 في المائة، علماً بأن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 80 في المائة. وتنبع أهمية انتخابات الأكراد من حقيقة أن استقرار شمال العراق هو استقرار للعراق كله، فإذا كانت الانتخابات نزيهة ونظيفة، فمعنى ذلك أن هذا الإقليم المهم سوف يكون مستقراً ومزدهراً في حال قررت قيادته الاستمرار في الدولة العراقية ولا تنوي الاستقلال والانفراد بالسلطة في منطقة الشمال المهمة. لذلك حرص وزير الدفاع الأميركي روبرت جيتس على زيارة شمال العراق والالتقاء بقادة الأكراد، ومنهم البارزاني، حيث تركزت محادثاته معهم حول العلاقة بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة الإقليم، حول القضايا العالقة بين بغداد وأربيل، وهذه القضايا متعلقة بمسائل الحدود والنفط والغاز وقوات البشمركة. وقد حث جيتس الطرفين، بغداد وأربيل، على التحرك سريعاً لحل الخلافات بينهما قبل انسحاب القوات الأميركية في أواخر عام 2011. وينتاب الإدارة الأميركية قلق حيال عدم حصول تقدم جدّي في النزاع السياسي بين المجموعات العراقية، فالأكراد هم الحلفاء التقليديون للولايات المتحدة منذ عام 1991 ولديهم مصالحهم في استمرار بقاء القوات الأميركية في العراق حتى يتم التوصل إلى اتفاق حول المناطق المتنازع عليها خصوصاً كركوك المتعددة القوميات الغنية بالنفط. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، قد أكد في واشنطن أن الخلافات بين بغداد والأكراد تمثل إحدى المشكلات الأكثر خطورة بالنسبة للعراق. والسؤال الذي علينا طرحه اليوم هو: أين تكمن مصلحة دول الخليج العربية في الصراع القائم في العراق؟ هل تدعم دول الخليج الحكومة المركزية في بغداد أم الأكراد في الشمال؟ دول الخليج لديها موقف ثابت ضد الفيدرالية ومع وحدة التراب العراقي، إذ ليس من مصلحة العراق أن يتمزق شعبه إلى أكثر من إقليم، لكن بسبب مشاكل السياسيين العراقيين وصراعاتهم على السلطة والنفوذ، أصبح شمال العراق شبه مستقل، حتى أن رجال الأعمال والقطاع الخاص في الخليج فتحوا لهم مصانع ومحلات وفنادق في منطقة الأكراد ووثقوا علاقاتهم التجارية والاقتصادية مع هذا الإقليم، بسبب حالة الاستقرار والانفتاح الاقتصادي في الشمال وقلة عمليات العنف والإرهاب. وماذا عن مرحلة ما بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق؟ ما هو موقف دول الخليج، إذا كان لديها موقف موحد..؟ ما نعرفه حتى الآن أن دول الخليج مستمرة في النهج القديم ولا تملك تصوراً موحداً لمستقبل علاقاتها مع العراق في حالة حدوث انقسام وحروب بين الطرفين. الدولة العظمى -الولايات المتحدة- تضع تصوراتها وتحاول التوفيق بين الطرفين... لكن ماذا عن عرب الخليج والعرب جميعاً؟ الموقف الموحد الذي يجب أن نتبناه، هو أنه من مصلحة الأكراد الاستمرار في وحدتهم مع عرب العراق، وأنهم سوف يكونون الخاسر الأكبر من تمردهم وانقسامهم عن وحدة التراب العراقي. د. شملان يوسف العيسى