خاطبت وزيرة الأمن الوطني في إدارة أوباما الجديدة اجتماعاً لمجلس العلاقات الخارجية بمدينة نيويورك عُقد يوم الأربعاء الماضي بهدف إقناع خبراء الأمن ودعاة الحقوق المدنية الأميركية بإمكانية الحفاظ على أمن وسلامة الأميركيين، دون المساس بحقوقهم وحرياتهم المدنية. وقبل أن نقول أي شيء آخر هنا، عن خطاب الوزيرة \\\\\\\\\\\\\\\"جانيت نابوليتانو\\\\\\\\\\\\\\\" أولاً علينا ملاحظة أن تسمية هذه الوزارة \\\\\\\\\\\\\\\"الأمن الوطني\\\\\\\\\\\\\\\" تبدو أقرب إلى شبيهاتها في الأنظمة الديكتاتورية الشمولية، وأن أميركا ظلت عبر تاريخها الطويل على أحسن حال بدون وجود وزارة من هذا النوع، حتى سنة 2001. وفي خطابها قالت \\\\\\\\\\\\\\\"نابوليتانو\\\\\\\\\\\\\\\": لقد التزم أوباما جانب القوة والعزم في رؤيته للخطر الإرهابي في جميع أشكاله وتعقيداته، وكذلك في توفير كافة الموارد -التي لا تقتصر على موارد الحكومة الفيدرالية وحدها- من أجل مكافحة العنف المتطرف. ثم استطردت الوزيرة قائلة: \\\\\\\\\\\\\\\"ومفهومٌ أن خطر الإرهاب لم ينحسر خلال السنوات الثماني التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر\\\\\\\\\\\\\\\". وعن نفسي، كنت قد سمعت قبل شهر مضى قول أحد الخبراء العاملين بإحدى مؤسسات الأبحاث الأمنية إن تنظيم \\\\\\\\\\\\\\\"القاعدة\\\\\\\\\\\\\\\" يعد لشن هجوم كبير علينا خلال العام الحالي، ولا يستبعد أن يكون هجوماً نووياً. وأضيف أني ظللت أسمع التحذير نفسه من مؤسسة الأبحاث نفسها وقد ظل يتكرر سنوياً منذ عام 2003! ونعود إلى وزيرة الأمن الوطني \\\\\\\\\\\\\\\"نابوليتانو\\\\\\\\\\\\\\\"، التي نصحت الأميركيين -في خطابها- بفعل المزيد من أجل تحسين مستوى مكافحتهم للإرهاب، وجعله هماً مشتركاً لجميع المواطنين، كي تتخذ هذه المكافحة مستويات متعددة، وتبدو أكثر تشابكاً وذكاءً وقدرة على التكيف مع جميع الظروف والأحوال. والقصد النهائي من كل هذا الكلام هو توفير الضمانات اللازمة لجعل الولايات المتحدة دولة وأمة على أتم الاستعداد للتصدي لأية هجمات محتملة، بدلاً من أن تستسلم لمشاعر الذعر والخوف من العدو. وقد ضربت الوزيرة عدداً من الأمثلة على هذه اليقظة الأمنية المنشودة متحدثة عن أحد العاملين بمحل لطباعة وتوزيع أشرطة الكاسيت والـ\\\\\\\\\\\\\\\"دي في دي\\\\\\\\\\\\\\\" قالت إن يقظته هي التي دفعته للتبليغ عن أشخاص جاءوا إلى محله في محاولة منهم لاستنساخ أسطوانات \\\\\\\\\\\\\\\"دي في دي\\\\\\\\\\\\\\\" إرهابية. وقد ساعد ذلك البلاغ السلطات على الكشف عن مؤامرة كانت تستهدف أرواح الجنود الأميركيين المرابطين بقاعدة \\\\\\\\\\\\\\\"فورت ديكس\\\\\\\\\\\\\\\" التابعة للجيش. وفي الشهر الماضي -قالت الوزيرة- لاحظ مسافر حذر، اثنين من العاملين في إحدى خطوط الطيران الداخلي أثناء تبادلهما لحقيبة لم يتم تفتيشها في مطار فيلادلفيا، فأبلغ عنهما فوراً. وفي هذه المرة أيضاً قاد البلاغ إلى منع تسريب بندقية إلى داخل تلك الطائرة. كما نصحت الوزيرة مستمعيها بوضع خطط أمنية خاصة بعائلاتهم. ومن أجل ذلك، نصحتهم إما بزيارة موقع إلكتروني حكومي، أو زيارة المجالس المحلية ذات الصلة بالاستعداد الأمني. وطمأنت مستمعيها على أن وزارة الأمن الوطني قد فعلت الكثير في ظل الإدارة الجديدة فيما يتصل بمراجعة نظامها القائم على الشفرات اللونية لدرجات الخطر الأمني المختلفة، بغية الحفاظ على سلامة وأمن الأميركيين. لتستطرد قائلة: \\\\\\\\\\\\\\\"ضمن الجهود التي تبذلها الوزارة، لجأت مؤخراً إلى تعيين أحد قراصنة الكمبيوتر المشهورين ضمن أعضاء المجلس الاستشاري للوزارة، بهدف معرفة جوانب الضعف في مجال الأمن الإلكتروني، مما يمكن للأعداء استغلاله ضدنا\\\\\\\\\\\\\\\". ولكن هل يحتاج الأميركيون حقاً إلى مثل هذه الطمأنينة بعد مضي ثماني سنوات على هجمات 11 سبتمبر؟ فمنذ عام 2001 لم ترد أي بلاغات عن وقوع هجمات إرهابية داخل الولايات المتحدة، خاصة إذا كانت هذه الهجمات منسوبة إلى تنظيم \\\\\\\\\\\\\\\"القاعدة\\\\\\\\\\\\\\\". صحيح أن الفترة المذكورة نفسها شهدت مقتل الكثير من الأميركيين على أيدي أميركيين آخرين بذات الطرق التقليدية التي يتم بها القتل هنا، سواء عن طريق النهب المسلح للبيوت، أو عصابات السكارى والأشقياء، أو مروجي المخدرات، أم أثناء إطلاق النيران الهوجاء في ليالي السبت، وكذلك في خضم الشجارات العنيفة، أو بكل بساطة بسبب التلاعب والاستهتار بالبنادق العائلية. وخلال الفترة الأخيرة، انضمت إلى القائمة أيضاً حوادث أطفال المدارس المسلحين الذين تكرر إطلاقهم للنيران على زملائهم. ولكن كل هذا يظل في حدود كونه ظاهرة أميركية عادية تقليدية، ولا يمكن أن يوصف بأنه عمل إرهابي بأي حال من الأحوال. ويمكن للإرهاب والعنف السياسي أن يكونا معضلة كبيرة وعلى درجة عالية من الخطر والجدية في بلاد مثل أفغانستان والعراق والصومال وباكستان وإيران، أو حتى في دولة مثل الصين، إن كان المرء ينتمي إلى أقليات مثل \\\\\\\\\\\\\\\"الإيجور\\\\\\\\\\\\\\\" وقبائل إقليم التبت. كما وردت في الصحيفة اليومية التي أطالعها، أخبار وتقارير عن تفجير ثكنتين من ثكنات \\\\\\\\\\\\\\\"الحرس المدني الإسباني\\\\\\\\\\\\\\\" -وهي قوات شرطية- خلال اليومين الماضيين، بينما تشير أصابع الاتهام إلى تورط حركة \\\\\\\\\\\\\\\"إيتا\\\\\\\\\\\\\\\" الانفصالية في إقليم الباسك، مع العلم أن تلك الحركة أزهقت أرواح ما يقدر بنحو 850 إسبانياً منذ نشأتها وحتى الآن. أما في نيجيريا، فقد خاض المتمردون الطائفيون فيها معارك حامية ضد قوات الجيش، أزهقت جراءها أرواح المئات بينما أرغم آلاف المدنيين على النزوح من ديارهم. وكذلك يخشى لاجئو وادي سوات في باكستان العودة إلى قراهم التي فروا منها، على رغم مغادرة مقاتلي حركة \\\\\\\\\\\\\\\"طالبان\\\\\\\\\\\\\\\" للوادي. فانظر إلى نقص الأمن الذي تعانيه شعوب ودول أخرى، في مقابل الفائض الأمني الذي تنعم به بلادنا. إن على الوزيرة \\\\\\\\\\\\\\\"نابوليتانو\\\\\\\\\\\\\\\" أن تفكر جدياً في كيفية اقتسام فائضها الأمني مع شعوب العالم الأخرى! ويليام فاف كاتب ومحلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة \\\\\\\\\\\\\\\"تريبيون ميديا سيرفيس\\\\\\\\\\\\\\\"