للموارد المائية دور حيويّ ورئيسيّ في خدمة عملية التنمية، لهذا تولي دولة الإمارات اهتماماً كبيراً بها وتتّبع عدداً من السياسات لتحقيق الإدارة الرشيدة لها. ومن هذا المنطلق يعدّ "مشروع التخزين الاستراتيجي للمياه"، الذي اعتمده "المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي"، مؤخراً، توجّهاً مهمّاً وبناء، وهو المشروع الذي يأتي ضمن خطة الإمارة الاستراتيجية 2030، ويهدف إلى احتلال المرتبة الأولى في المنطقة العربية من حيث توافر المخزون الاستراتيجي للمياه. أهمية هذا المشروع أنه يسهم أولاً في زيادة الثقة من جانب المستثمرين بالقطاعات المختلفة في أبوظبي، ومن ناحية ثانية، يتعامل مع أي أزمة قد ينتج عنها نقص المعروض من كميات المياه المتوافرة، كتعرّض محطات التحلية لمشكلة التلوّث في مياه الخليج أو بسبب أي تسرّب نفطيّ محتمل أو توقّف أعمال الصيانة أو حدوث أي كوارث طبيعية، أي أن هذا المشروع بمنزلة إجراء وقائي لمواجهة مثل هذه الحالات الطارئة في المستقبل. ومن ناحية ثالثة، يتيح هذا المشروع الاستراتيجي توفير مخزون احتياطي من المياه العذبة، يقدّر بنحو 4 مليارات جالون، وهي كمية كافية لسد العجز في المياه لمدينة أبوظبي وما حولها في حالات الطوارئ لأكثر من 90 يوماً بطاقة إنتاجية تقدّر بنحو 45 مليون جالون يومياً، مع إمكانية التوسّع في الضخّ إلى 100 مليون جالون يومياً في المستقبل. أي أن هذا المشروع يعدّ نقلة نوعية في الإدارة الرشيدة لموارد المياه في دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن ناحية رابعة، فإن هذا المشروع ينطوي على مردود اقتصادي مهمّ، حيث يسهم في توفير مساحات كبيرة من الأراضي مقارنة بالبدائل الأخرى، كما يقلّل من تكلفة التخزين بشكل كبير، حيث ينخفض معدل استخدام الأراضي للمنشآت السطحية اللازمة للتخزين من 250 هكتاراً إلى 15 هكتاراً، كما تقلّ تكلفة البنية الأساسية اللازمة لتخزين الجالون الواحد من المياه من 3.5 درهم إلى 0.8 درهم، وتكلفة التشغيل والصيانة لتخزين الجالون الواحد من 1.5 إلى 0.25 درهم، وهي كلها إحصاءات تؤكّد تعاظم الأثر الاقتصادي لهذا المشروع. ومن ناحية خامسة، لهذا المشروع العديد من الآثار البيئية الإيجابية؛ أهمها: تقليل حجم المنشآت السطحية، والحفاظ على نوعية المياه المخزّنة بعيداً عن التلوث لفترات كبيرة، وتقليل الحاجة إلى معالجة المياه مقارنة بالبدائل الأخرى التي تحتاج إلى معالجة المياه وتجديدها كل 48 ساعة نتيجة ركود المياه المخزّنة، وتقليل الفاقد من المياه بالتبخر أو التسرّب من الخزانات الخرسانية أو المعدنية السطحية. وإذا كان الأمن المائي كمفهوم مطلق يعني تلبية الاحتياجات المائية المختلفة كمّاً ونوعاً مع ضمان استمرار هذه الكفاية دون تأثير من خلال حماية المتاح من مياه وحسن استخدامها، وتطوير أدوات هذا الاستخدام وأساليبه، فإن هذا المشروع يعدّ ركيزة أساسية في تحقيق الأمن المائي لأبوظبي والمناطق القريبة منها. ولعل ما يزيد من أهمية هذا المشروع أنه يقع ضمن استراتيجية شاملة للتعامل مع قضية المياه في الدولة تركّز، في أحد أهم جوانبها، على ترشيد الاستهلاك وخفض الفاقد وتوعية الناس بشأن التعامل الرشيد مع هذا المورد الحيوي، إضافة إلى مواجهة أي تلوّث يمكن أن يلحق به. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.