تستعد الإمارات لتهيئة البنية التحتية اللازمة لإنجاز مشروعها النووي للأغراض السلمية، والذي يتوقع أن يبدأ العمل فعلياً في عام 2017. ويشكّل الجانب البشري أحد المقومات المهمّة والأساسية في هذا المشروع؛ ولهذا تحرص الجهات المعنيّة على إيجاد الكوادر المواطنة وتأهيلها وتدريبها لامتلاك المعرفة في مجال الطاقة النووية، بما تنطوي عليه من تكنولوجيا متقدّمة ومعقّدة. في هذا السياق، تستعد "مؤسسة الإمارات للطاقة النووية" (إينيك) بدءاً من العام الدراسي المقبل، وبالتعاون مع "جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا"، لتخريج أول دفعة من المهندسين الإماراتيين في المجال النووي السلمي، في نخبة من جامعات العالم. وقد تقدّم أكثر من 200 مواطن ومواطنة بطلباتهم للحصول على البرامج الدراسية في مجال الطاقة النووية التي تقدمها (إينيك)، وسيتمّ قبول 40 طالباً إماراتياً خلال العام الدراسي 2009/ 2010. وسيتسمر البرنامج الدراسي خلال السنوات المقبلة، وفي حال توافر المهارات والإمكانات في عدد أكبر من الطلاب الإماراتيين المتقدمين، فسيتمّ زيادة الأعداد المقبولة في هذا البرنامج. أهمية هذه الخطوة تكمن ليس في اعتبارها اللبنة الأولى على طريق إعداد الكوادر الوطنية في هذا المجال الحيوي لتولي دفة إدارة وتشغيل محطات الطاقة النووية السلمية الإماراتية، والتي تتطلب الكثير من أصحاب المهارات، وإنما في كونها إحدى الآليات المهمّة للاستفادة من الخبرات الغربية المتقدمة في مجال الطاقة النووية السلمية أيضاً، بما تتيحه للمتقدمين من الحصول على درجة "الماجستير" في "الهندسة النووية" من جامعات في فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا، وشهادات "البكالوريوس" في تخصصات الهندسة الميكانيكية والهندسة الكهربائية والهندسة النووية من جامعات في الولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات؛ حيث سينخرط الطلاب الذين يتأهّلون لبرنامج "الماجستير" في العمل بأحد البرامج التابعة لـ "مؤسسة الإمارات للطاقة النووية" للمساهمة من البداية في البرنامج النووي السلمي للإمارات. وإذا كانت الدولة تدرك أهميّة الطاقة النووية كأساس للتنمية المستدامة التي تؤكّدها القيادة الرشيدة، وتشملها كل رؤى التنمية واستراتيجيّاتها وتصوّراتها على المستويين الاتحادي والمحلي، فإنها حريصة على أن تكون الكوادر المواطنة هي المسؤولة عن إنتاجها وإدارتها، خاصّة أن المسألة تتصل اتصالا مباشراً بالأمن القوميّ للدولة بمفهومه الشامل. لا شك في أن حرص الإمارات على وجود كوادر بشريّة مواطنة في مجالات الطاقة النووية يعكس توجّهاً استراتيجياً يستند إلى حسابات دقيقة وتقديرات، وليس توجّهاً مؤقتاً أو قصير المدى، ولذلك يأتي الاهتمام بتوفير كلّ الإمكانات اللازمة لإنجاح هذا التوجّه وتحقيق أهدافه المرجوّة؛ فإيجاد كوادر مواطنة في مجال الطاقة النووية، التي تعتبر أهم التخصصات الدقيقة، يشكل نقلة نوعية في مجال عمل يمثل المستقبل في العالم كله، وتتسابق الدول على خوض غماره. هناك خطوات مهمة تبذل في اتجاه إيجاد كوادر مواطنة مؤهلة لإدارة "البرنامج النووي السلمي"، لكن هناك حاجة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات في هذا الشأن تعمّق هذا التوجه الاستراتيجي المهم، في مقدمتها: تفعيل أوجه التعاون الممكنة بين الإمارات والدول ذات الخبرات الواسعة في ميادين الطاقة النووية، والاستفادة من خبراتها العلمية والتطبيقية الواسعة في هذا المجال. وثانياً الاهتمام بالجانب العملي والمتمثل في تدريب الطلبة والباحثين وتأهيلهم في مجالات دقيقة وحيوية كأمان المفاعلات النووية وسلامتها. وبما ينسجم مع تلبية احتياجات المرحلة والمساعدة في تأهيل القوى البشرية المطلوبة، والعمل على تمكينها من إيجاد المعرفة العلمية في مجالات الطاقة النووية التي تخدم أغراضاً تنموية وطنية شاملة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.