إذا كانت الرقابة على الغذاء والجهات التي تتعامل فيه سواء بالإنتاج أو البيع أو التوزيع أو التخزين، مطلوبة دائماً لأن الأمر يتعلّق بسلعة ذات علاقة مباشرة بصحّة الإنسان، التي هي أغلى ما يتم الحرص عليه، فإنها تصبح أكثر إلحاحاً خلال فصل الصيف، لأن درجة الحرارة العالية تسهم بشكل كبير في تعريض الأطعمة والمواد الغذائية المختلفة إلى التلف والفساد إذا لم يتم التعامل معها بشكل سليم أو اتّخاذ الإجراءات والاحتياطات اللازمة للحفاظ عليها في ظل الحرارة الشديدة، وهذا يضع مسؤولية كبيرة على عاتق الأجهزة المتخصّصة في تكثيف رقابتها على المطاعم والمتاجر وغيرها من الجهات المعنية للتأكّد من سلامة المواد الغذائية لديها، خاصة أن الصيف، إضافة إلى حرارته التي تسهم في فساد الأغذية، فإنه موسم الإجازات السنوية الذي يكثر فيه التردّد من قبل الناس من مختلف الأعمار على المطاعم والمتاجر بمختلف أنواعها، ما يزيد من احتمالات حدوث المشكلات المتعلّقة بعدم سلامة الأغذية. وفي الوقت الذي تقع فيه على كاهل الأجهزة المتخصّصة مسؤولية كبيرة في مراقبة سلامة المواد الغذائية وجودتها والتصدّي لأي مخالفة في هذا الشأن ومعاقبة مرتكبيها بحسم، فإن على المستهلكين مسؤولية مماثلة في مساعدة هذه الأجهزة عبر إبلاغها عن أي مخالفة وعدم التفريط أو التساهل في التعامل معها، والحرص على التأكّد من سلامة الغذاء الذي يتم تناوله أو شراؤه من المحال والمتاجر المختلفة، صغيرة كانت أو كبيرة. فالأجهزة المعنية بعملية المراقبة، مهما كانت جهودها كبيرة ومستمرّة ومتابعتها دائمة، لا يمكنها أن تحقّق الهدف الذي تعمل من أجله بشكل كامل دون مساعدة وتفاعل من قبل الجمهور، خاصة مع الانتشار الكبير والمتشعّب للمتاجر والمحال، من كل الأنواع والجنسيات، التي تعمل في مجال الأغذية على مستويات مختلفة. وفي ضوء ذلك فإن هناك حاجة إلى زيادة عدد المفتشين حتى يمكنهم أداء عملهم بشكل كافٍ والرقابة الجادّة على الجهات التي تقع ضمن نطاق عملهم. خلال الفترة الماضية تصاعدت الحالات التي يتم فيها اكتشاف جهات مخالفة في مجال الأغذية، وتبذل جهات الرقابة المختلفة جهوداً كبيرة لمتابعتها والكشف عنها ومعاقبتها، وفي هذا الإطار فإن أكبر عقاب يمكن أن تتعرّض له أي جهة تخالف في المواد الغذائية أن يتم الكشف عن اسمها وعن حجم المخالفة التي ارتكبتها في وسائل الإعلام المختلفة، حيث إن من شأن ذلك أن يحقق هدفين: الأول توعية الناس والمستهلكين من خطرها ودفعهم إلى عدم التعاون معها وبالتالي تعريضها إلى خسارة كبيرة، تمثّل عقاباً قاسياً لها على قدر الخطر الكبير الذي تسبّبه لصحة الناس والمجتمع. والهدف الثاني هو توجيه رسالة حاسمة وحازمة إلى الجهات الأخرى تدفعها إلى التفكير أكثر من مرة قبل الإقدام على ارتكاب أي مخالفة مهما كانت صغيرة، لأن العقاب في هذه الحالة سوف يكون كبيراً ولن يقتصر على المستويين القانوني والإداري فقط، وإنما سيمتدّ إلى المستوى الشعبي أيضاً، وهذا الأسلوب، أي إعلان أسماء الجهات المخالفة، يمكن أن يكون مجدياً في مجالات أخرى غير مجال المواد الغذائية، خاصة إذا ما تعلّق الأمر بجهات خدمية تقدّم خدماتها المختلقة إلى الجمهور وتتعامل معه بشكل مباشر، ويصبح الأمر أكثر أهميّة إذا كانت هذه الخدمات تتعلّق بمجالات حسّاسة مثل الصحّة والتعليم وغيرهما. إذا اتصل الأمر بصحّة الناس، فإن المراقبة المستمرة والعقاب الصارم سلاحان يجب أن يشهرا باستمرار في وجه أي مخالف أو مستخفّ بخطورة ما يمكن أن تسبّبه أي مخالفة صغيرة من كوارث كبيرة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية