نتانياهو في مفترق طرق... ويتحدى الضغوط الأميركية ضغوط أميركية على نتانياهو، وأصداء خطاب أوباما في القاهرة، ونتائج الانتخابات اللبنانية، تحدي إسرائيل لمطالب واشنطن... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية . "لحظة نتانياهو": خصصت صحيفة "هآرتس" افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي للحديث عن مأزق نتانياهو، بعد الخطاب الذي ألقاه أوباما في القاهرة، فقد ظل رئيس الحكومة الإسرائيلية مصراً على برنامجه الانتخابي الذي أوصله إلى السلطة، وأظهر حرصاً شديداً على تماسك فريقه الحكومي الذي يضم أقطاب "اليمين" الإسرائيلي ممثلا في "إسرائيل بيتنا" بالإضافة إلى أحزاب دينية متشددة ترفض أي إشارة إلى حل الدولتين وإقامة كيان فلسطيني مستقل. ويبدو أن المحاولات التي بذلها نتانياهو طيلة الفترة السابقة للتأثير على واشنطن وإقناعها بلا جدوى الدولة الفلسطينية وسعيه إلى الضغط على أوباما خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة الأميركية لم تفضِ إلى تغيير في الموقف الأميركي الذي مازال متمسكاً بحل الدولتين، هذا الحل كما تقول الصحيفة سبق لإسرائيل أن وافقت عليه تحت بنود اتفاق "خريطة الطريق" الذي ينص على مناقشة قضايا الوضع النهائي. لذا تدعو الصحيفة رئيس الوزراء الذي يقف أمام مفترق طرق حقيقي أن يقدم مصلحة إسرائيل العليا على تطلعاته السياسية، بل أن يضحي بمشواره السياسي إذا كان الأمر يتعلق بوفاء الدولة العبرية بالتزاماتها الدولية من جهة، والحفاظ على علاقاتها مع الولايات المتحدة من جهة أخرى. "سلطة التواضع": في مقاله المنشور يوم الأحد الماضي على صفحات "هآرتس" تناول الصحفي "زفي بارئيل" الخطاب الذي ألقاه الرئيس في القاهرة متسائلا هل كان للخطاب الذي انتظره الجميع أن يكتسي هذه الأهمية لو لم يكن أوباما رئيساً للولايات المتحدة؟ بالنسبة للكاتب لم يكن أوباما مجبراً على إلقاء خطابه للإعلان عن سياسته تجاه قضايا مهمة، أو توضيح الموقف الأميركي تجاهها،حيث سبق له أن أشار إلى موقف إدارته منذ حملته الانتخابية، وأكد على توجهاته الكبرى لاحقاً عندما تولى الرئاسة، فهو تحدث بنبرة تصالحية واضحة ومد يده إلى إيران وأعلن نيته الانسحاب من العراق والتركيز على أفغانستان، فلماذا الخطاب إذن؟ يرى الكاتب أن أوباما لم يكن في حاجة إلى قاعة في جامعة القاهرة ليعلن سياسته الخارجية، أو يحدد المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، أو حتى التصالح مع العالم الإسلامي، لكنه جاء لمهمة أكبر تتمثل في صياغة قواعد جديدة للسياسة الدولية واستبدال النموذج القديم الذي كان يفصل بين الغرب والإسلام على أنهما عالمان متناقضان بآخر جديد، النموذج القديم الذي أنجب نظرة استشراقية للشرق الأوسط حيث يقطن أناس ساهموا في نهضة الحضارة الغربية لكنهم عجزوا هم أنفسهم عن التقدم واللحاق به. أما النموذج الجديد الذي يبشر به أوباما فهو قائم على نظرة مغايرة تقول إنه لا أحد على حق دائماً، كما لا يوجد أشرار على وجه المطلق، وهو أيضاً يرفض التقسيمات السابقة، أو تلك التي تصنف الأديان إلى جيدة وسيئة، متجاوزاً في الوقت نفسه تصنيف العالم إلى خير وآخر واقع تحت قبضة محور "الشر". وخلافاً للإدارة السابقة التي سعت إلى وضع معايير عالمية للقيم تنطلق من فرضية أنها تمثل الخير فيما يجسد الآخر الشر، حاول أوباما في خطابه قلب هذا المنطق ونفي التنافس الذي سعى آخرون إلى تكريسه بين الإسلام والغرب، ليصبح العالم منفتحاً بذلك على خيارات ورؤى تتجاوز الاستقطابات القائمة على الدين إلى آفاق أرحب تستند إلى المصالح الوطنية. "الانتخابات اللبنانية": أفردت "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم أمس لموضوع الانتخابات اللبنانية وفوز جماعة "14 آذار" بزعامة تيار "المستقبل" بأغلبية المقاعد البرلمانية على حساب تكتل "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، لكن رغم هذه النتيجة التي من المفترض أن تطمئن الدولة العبرية بشأن مستقبل علاقاتها مع لبنان بعد فوز الفريق المعتدل وتراجع أنصار المقاومة، تحذر الصحيفة القادة الإسرائيليين من خداع النفس لأن الأمر في النهاية مرهون بالتوافق الذي يحكم السياسة اللبنانية والتي بموجبها يتقاسم المسلمون والمسيحيون مقاعد البرلمان مناصفة، فضلا عن باقي المناصب المهمة في الدولة، كما أن "حزب الله" الذي أصبح رقماً صعباً في الحياة السياسية بسبب الدعم الإيراني غير المحدود وقوة الصوت الشيعي المستند إلى حقائق ديموغرافية تعطي للشيعة التفوق السكاني. كما أن تصريحات "نصر الله" لم تترك، حسب الصحيفة، أي مجال للشك عندما قال إن "من يريد الاستقرار السياسي والحفاظ على الوحدة الوطنية ونهضة لبنان لن يجد أمامه من خيار إلا القبول بمبدأ التوافق" الذي لا يعني في رأي الصحيفة سوى موافقة "حزب الله" على القرارات الحكومية وإسهامه في صياغة السياسة الخارجية. لكن ذلك لن يفضي بالضرورة إلى تشكيل "سعد الحريري" لحكومة يشارك فيها "حزب الله" لأن ثمن المساندة سيكون باهظاً وسيتمثل في المساومة على المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري، لا سيما بعد التقارير الصحفية الأخيرة التي تشير إلى احتمال تورط "حزب الله" في عملية الاغتيال. "لا داعي للقلق": بهذا العنوان استهل الصحفي الإسرائيلي "يورام ايتنجر" مقاله المنشور يوم السبت الماضي على صفحات "يديعوت أحرنوت" موجهاً نصيحته إلى نتانياهو الذي يواجه في هذه اللحظة ضغوطاً واضحة من الإدارة الأميركية ضمنها أوباما بشكل واضح بخطابه الأخير في القاهرة. فحسب الكاتب ليس موضوع الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي من الأولويات الملحة في الأجندة الأميركية، لأن صراعاً دام ستين عاماً دون حل يمكنه الاستمرار في نفس الطريق، ناهيك عما يعتبره الكاتب انشغال أميركا بأمور أهم في مقدمتها الأزمة الاقتصادية الداخلية التي تفتك بالمؤسسات المالية الأميركية، وهي الأزمة التي دفعت الأميركيين إلى التصويت بكثافة على أوباما لثقتهم في قدرته على حلها وتخليصهم من شبح البطالة وفقدان المنازل الذي بات مخيماً على رؤوسهم. وحتى على الصعيد الخارجي، يرى الكاتب أن القضايا العاجلة التي تلح على أميركا توجد في أماكن أخرى بعيدة عن الصراع العربي- الإسرائيلي في العراق وأفغانستان وباكستان، مشيراً في الوقت نفسه إلى السوابق التي استطاعت فيها إسرائيل تحدي الضغوط الأميركية وتمكنت من فرض وجهة نظرها دون أن تتضرر العلاقات المتينة بين أميركا والدولة العبرية ومن تلك السوابق التحذير الذي وجهه ريجان في العام 1981 لبيجن بعدم استهداف المفاعل النووي العراقي وإلا التعرض لحصار عسكري واقتصادي، لكن إسرائيل مع ذلك قصفت المفاعل دون أن يترتب على ذلك نتائج وخيمة. إعداد: زهير الكساب