يخصص الدكتور فضل، أول أمير لجماعة "الجهاد" المصرية، الأجزاء الأخيرة من كتابه "قميص غزة" للحديث عن حال بعض الشعوب العربية أثناء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، فيقول بأنها "خرجت في مظاهرات تصبُّ غضبها على مصر فقط"، وليس على بقية دول الطوق العربي المحيط بإسرائيل، وذلك لأنهم "يريدون أن يقاتلوا إسرائيل حتى آخر جندي وآخر جنيه مصري"، وهي المظاهرات نفسها التي "استفزّت جمال عبدالناصر على خوض حرب 67 بدون استعداد كافٍ فكانت النتيجة ما قد عرفتم". ويدل منظّر "الجهاد" هذه الشعوب "على ما يمكن أن تفعله لتقوم بواجبها"، فيقول: "لتطلب الجماهير الغاضبة في سوريا من حكومتها الدخول في حرب مع إسرائيل لتحرير الجولان التي لم تطلق فيها سوريا طلقة واحدة لمدة 35 سنة... إسرائيل موجودة في أرضكم وتسرح وتمرح في سمائكم قاتلوها لتخففوا ضغطها على غزة... فإذا تعذّر هذا، اطلبوا من إيران وحزب الله إطلاق صواريخهما على إسرائيل، وعندكم قادة المنظمات الفلسطينية، اطلبوا منهم أن يذهبوا ليقاتلوا مع أهلهم الذين فرضوا عليهم الحرب". ويقول بأنه قبل سنوات كان مسؤولا يمنياً كبيراً يتمنى لو كانت لبلاده حدود مشتركة مع إسرائيل ليقاتلها، "فاحتل أهم حليف لإسرائيل في المنطقة، وهي إريتريا، عدة جزر تابعة لليمن في البحر الأحمر، فهل قاتلها هذا المسؤول أو الجيش اليمني؟ لا، لم يقاتلوا من احتل أرضهم، ويريدون أن يقاتلوا إسرائيل، وإنما لجأوا للمحاكم الدولية التي أعادت لليمن جزيرة حنيش وحكمت لإريتريا بالجزر الأخرى، أي أن إريتريا ما زالت تحتل بعض الجزر اليمنية، فلتذهب الجماهير اليمنية الغاضبة لتحرير أرضها المحتلة". ويضيف: "حتى السودانيون غاضبون، وكلهم يريد أن يقاتل إسرائيل إلى آخر مصري". ويقول الدكتور فضل: "مأساة غزة اليوم أن حماس تكرر خطأ ياسر عرفات، اعتبرت أنها (أبو القضية) مثل عرفات، وتريد الكل أن يخدمها ويكون طوع أمرها، وتريد حماس أن تنفرد بالقرار وعلى الآخرين سداد الفاتورة ودفع الثمن"، ولكن "حماس هي التي قامرت بأهل غزة، وهي التي نقعت قميص غزة في الدماء، وعليها وحدها أن تغسله". ويذكّر مفتي ومؤسس تنظيم "الجهاد" المصري، الجماهير بالغاية من تشريع الجهاد، فيقول إنه شُرّع لتحقيق مقصدين ذكرهما الله عز وجل في الآية: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله"، فالمقصد الأول يدفع عن المسلمين الفتن والضرر، وهذا لحفظ رأس مال الإسلام، والمقصد الثاني، يكون الدين كله لله، فلطلب الربح والزيادة بتوسيع سلطان المسلمين". ويقول بأن الفقهاء قد اتفقوا على أن "حفظ رأس المال مقدّم على طلب الربح"، وبالتالي "لا يجوز السعي في قهر العدو على حساب تضييع المسلمين كما تفعل حماس اليوم في غزة... وهو ضد المقاصد الشرعية للجهاد، إذ تسببت (حماس) في إشعال حرب معلوم مسبقًا أنها ستدمر غزة وأهلها، وفيهم مستضعفون شرع الله الجهاد لإنقاذهم لا لتدميرهم". ثم يقول: واعلموا أنه لا يمكن أن يقع دمار في مكان- بسبب عدو أو زلزال وغيره- إلا بسبب ذنوب ومظالم كثيرة في ذلك المكان، هذا كلام ربنا: وما كنّا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون". ولأن مثل هذا الكلام مؤلم، فإن الدكتور فضل يقول: "وليس من عمل أهل العلم مجاراة أهواء الناس، أو الخضوع للإرهاب والابتزاز بقميص غزة، فليس من الدين (الجمهور عايز كده) هذا مذهب أهل السينما. وإنما واجب أهل العلم كشف الشبهات وبيان الحق عند الاختلاف... ويجب قول الحق وإن كرهه الناس، فالحق ثقيل على النفوس".