مشهد إيجابيّ شهدته قاعة "المجلس الوطني الاتحادي" في جلسة أول من أمس، الثلاثاء، حين انتصر عبدالعزيز الغرير، رئيس المجلس، ووافقه غالبية الأعضاء، للشفافية الإعلامية، وتمسّكوا بضرورة مناقشة "الحساب الختامي" للمجلس وميزانية العام المقبل 2010، ضمن الجلسة العادية، رافضين مقترحاً بتحويل الجلسة إلى سرّية، حيث أكّد رئيس المجلس انحيازه للشفافية بقوله: "لا نخفي شيئاً عن المواطنين، والشفافية نطبّقها على أنفسنا قبل غيرنا". أهمية الحرص على تكريس مبدأ التعامل الشفّاف مع وسائل الإعلام والرأي العام تنبع من أنها تتزامن مع توجّه "المجلس الوطني الاتحادي" إلى مزيد من الانفتاح الإعلامي وبناء قنوات اتصال أكثر فاعلية مع المواطنين والمواطنات، سواء من خلال تعزيز الشراكة مع وسائل الإعلام، أو من خلال توجّه مستقبلي لافتتاح مكاتب تابعة لـ "المجلس الوطني الاتحادي" في إمارات الدولة جميعها، للتفاعل مع الجمهور. والمغزى هنا أن حجر الأساس لنجاح توجّهات "المجلس الوطني الاتحادي" وخططه في هذا الإطار يعتمد بشكل رئيسي على مدى القبول بالتعاطي الشفاف والانفتاح على الإعلام والجمهور، كي تكتسب جهود المجلس بشأن توسيع أرضية التواصل مع مواطنيه مزيداً من الصدقية والقبول، ما يسهم بدوره في التعريف بأنشطة المجلس ونقل صورة واقعية عن أنشطته وأعماله وتعميق الدور الذي يضطلع به في العملية السياسية والتنمويّة، فضلا عن أن حرص المجلس على تكريس مفهوم "الشفافية" يوفّر المثل والقدوة لبقية الهيئات والمؤسسات كي تحذو حذوه. ناقش الأعضاء في جلسة أول من أمس الحساب الختامي لـ"المجلس الوطني الاتحادي" عن السنة المنتهية في 31 ديسمبر 2008، ومشروع ميزانية المجلس للسنة المالية 2010، وتحدّثوا بصراحة عن "همومهم" وتصوّراتهم ومقترحاتهم، كما ناقشوا بالقدر ذاته من المكاشفة الأسباب التي أدّت إلى وجود فائض مالي في ميزانية المجلس للعام الماضي يقدّر بنحو 34 مليون درهم، وطرحت "الأمانة العامة للمجلس" الأسباب التي أدّت إلى ذلك بوضوح وصراحة، في حين أن تحويل الجلسة إلى سرّية كان سيوحي للرأي العام بوجود ما يرغب "المجلس الوطني الاتحادي" في إخفائه عن العيون والأسماع، وفي ذلك رسالة سلبية تفتح الباب أمام التكهّنات والتأويلات رغم أن النقاشات كشفت عن عدم وجود ما يمكن إخفاؤه أو القلق من نشره. ولم يكن في هذا النقاش أي حساسية تذكر، بل كان مؤشّراً صحياً وخطوة مهمّة على درب تعميق قنوات الاتصال والتواصل الحقيقيين مع المواطنين والمواطنات كي يتعرّف هؤلاء، عن قرب، على ما يدور داخل المجلس، حتى وإن تعلّق الأمر بتفاصيل مثل رواتب الأعضاء ومطالبهم الذاتية، علماً بأن مثل هذه الطروحات لا تنال منهم، بل تضيف إليهم مزيداً من التقارب والتفاعل مع الجمهور. "الشفافية" ركيزة تنمويّة بالغة الأهمية، و"المجلس الوطني الاتحادي"، من خلال موقعه ضمن النظام السياسي، كان حريصاً على تكريس حريّة تدفّق المعلومات وحقّ الجمهور في معرفة الحقائق وما يدور داخل المجلس من نقاشات حول مختلف الموضوعات والقضايا، وهذا في حدّ ذاته مؤشّر إيجابيّ إلى انتفاء أي هواجس أو مخاوف مما قد تسفر عنه النقاشات البرلمانية، ولاسيّما أن هذه النقاشات دارت في أجواء من الحرية، وعبّرت عن رؤى متباينة للأعضاء، لكل منها وجاهتها واحترامها. قد تبدو هذه الخطوة بسيطة في ظاهرها، لكنها عميقة في إطارها العام، لأنها تقدّم دعماً نوعياً لحق المعرفة والنشر وتدفّق المعلومات، وفي ذلك أيضاً إسناد حيويّ لدور الإعلام الذي ينمو ويتطوّر في ظل أجواء "الشفافية"، التي تحرص قيادتنا الرشيدة على تكريسها كقاعدة محوريّة للأداء في مختلف المؤسسات والهيئات والوزارات. ــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.