تواجه المنطقة العربية تحديات اقليمية ودولية خطيرة قد تعصف بحالة الاستقرار النسبي في المنطقة. من هذه التحولات تردي الأوضاع الأمنية في باكستان، حيث ازدادت وتيرة العنف والعنف المضاد بين الجيش الباكستاني وحركة "طالبان" الباكستانية في وادي "سوات"، حيث تحاول الحكومة الباكستانية بسط نفوذه في هذه المنطقة القبلية التي أصبحت مقراً لارهاب "القاعدة" وأنصارها. هذه الحملة أدت إلى قيام أحد الانتحاريين بتفجير سيارة ملغومة في مبنى للشرطة بالقرب من مبنى الاستخبارات الباكستانية في لاهور عاصمة اقليم البنجاب أسفر عن مقتل 23 باكستانياً بينهم 11 شرطياً وجرح أكثر من 200 آخرين معظمهم من الشرطة. هذا الوضع غير الطبيعي من انتشار التفجيرات والاغتيالات والفساد، بات الحالة السائدة في باكستان اليوم، مما يثير القلق لدى الساسة في الغرب ودول المنطقة على مستقبل هذه الدولة المهمة. في الوقت الذي يستعد فيه الرئيس الأميركي لزيارة المنطقة وتحديداً السعودية ومصر لبحث قضية السلام، وتزايد النفوذ الإيراني في المنطقة، نجد أن طرفي النزاع في كل من إسرائيل وفلسطين زادا من وتيرة السجال حول عملية السلام، ففي إسرائيل دعا إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي إلى توضيح أن لا علاقة بين إزالة البؤر الاستيطانية غير القانونية في إسرائيل وملف إيران النووي، وهو بذلك يختلف موقفه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي يرفض حتى الآن مفهوم "الدولتين" كأساس لحل القضية الفلسطينية. الفلسطينيون بدورهم مختلفون كذلك على الرغم من كل المحاولات لحل الخلافات بينهم، فالحوار الفلسطيني بين "حماس" و"فتح" في مصر الذي مضى عليه أكثر من خمس جولات دون أن تتحقق المصالحة أو أدت إلي نتائج يعتد بها، ولا تزال الحركتان تأملان بالتوصل إلى إتفاق يُنهي الانقسام بينهما. ما يهمنا هنا أن هنالك متغيرات دولية أهمها وصول الرئيس أوباما للسلطة واهتمامه بتحقيق عملية السلام في الشرق الأوسط، كما أن الإخفاق المتكرر لكل عمليات السلام بين العرب وإسرائيل قد أدى إلى توسعة الفجوة بين الطرفين، وتصاعد حالة الكراهية والعداء لإسرائيل في المنطقة. وما دام العرب منقسمين ومتشرذمين، ستبقى القوة والسلاح الإسرائيلي مهيمنين، وستظل مأساة الشعب الفلسطيني تنتظر الحل. ماذا يعني استمرار حالة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة؟ تعني بكل بساطة استمرار حالة العداء للغرب، الذي تربطنا به علاقات أمنية وتجارية وحضارية قديمة، مما يتيح الفرصة لازدياد نفوذ الحركات الإسلامية المتطرفة، وهذا قد يؤدي إلى تأخر قضايا التنمية والإصلاح ونشر الديمقراطية والسلام في المنطقة، مما سيؤدي حتماً إلى تراجع الأداء الاقتصادي وازدياد الفقر والجهل والمرض، وهي بنية صالحة لانتشار التطرف والارهاب. هذا الوضع غير طبيعي قد يدفع بالجماهير العربية إلى اليأس والإحباط وتبني الأفكار الثورية التي تروج لها بعض الدول والحركات السياسية الإسلامية، لذلك من المهم جداً لدول الخليج العربية والدول العربية العمل على إقرار السلام على جميع الجبهات ونبذ العنف والتطرف والارهاب ليس فقط في باكستان وفلسطين، بل في السودان والصومال واليمن والعراق ولبنان. منطقتنا العربية لم تعد تتحمل مزيداً من العنف والتطرف. ولنعمل جميعاً على استغلال فرص السلام المعروضة علينا اليوم. د. شملان يوسف العيسى