بعد قراءة مقالة الكاتب رشيد الخيون: "هكذا أفحم الشيخ نظرية داروين"، اكتشفت للمفارقة أن بعض المفكرين العرب القدامى قد اكتشفوا -أو على الأقل فكروا في- نظرية النشوء والارتقاء المشهور نسبتها لتشارلز داروين. وبغض النظر عن الموقف من تلك النظرية، التي أرفضها شخصياً، فإن الأسبقية المعرفية التي سجلها مفكرون عرب قدامى في هذا المجال، تدل في أقل صورها على الجو العام من التسامح الفكري الذي عرفته الحضارة العربية الإسلامية في عصورها الزاهية، حيث كان العلماء والمفكرون يستطيعون التحليق بأفكارهم في أفق طليق دون أن يتعرضوا للضغط والتكفير والتشهير. وفي تلك الظروف التاريخية نفسها، وحتى بعدها بقرون عديدة، كانت محاكم التفتيش في أوروبا تحكم بأقسى الأحكام على كل من يتبنى أو يستنتج أفكاراً غير ما هو وارد في المدونات الدينية والفكرية الرسمية. فسبحان مغيِّر الأحوال، أعني أحوالنا وأحوالهم! عز الدين يونس - أبوظبي