"السياسة الدولية": إسرائيل و"الجنائية" ------------ في العدد الأخير من مجلة السياسة الدولية، نطالع ثلاث دراسات، أولاها حول "سلطة مجلس الأمن في الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية"، ويوضح كاتبها الدكتور أحمد عبدالظاهر أن هذه السلطة قد ورد النص عليها في المادة الثالثة عشرة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. لكن العلاقة بين المجلس والمحكمة لم تكن محل اتفاق بين وفود الدول التي شاركت في مؤتمر روما لإنشاء المحكمة الجنائية، والمنعقد عام 1998، بل كانت محل جدل كبير جعل بعض الدول تمتنع عن التوقيع على نظام روما الأساسي. ومع ذلك، يقول الكاتب، فقد تم إقرار حق مجلس الأمن في الإحالة إلى مدعي عام المحكمة الجنائية. لكن، وكما يتساءل الكاتب؛ هل يبتعد مجلس الأمن، وهو يمارس تلك السلطة، عن الاعتبارات السياسية، ليكون رائده وهدفه الأول هو إقامة العدالة الجنائية الدولية؟ وتحت عنوان "الشيعة في الشرق الأوسط... مراجعة للأدبيات"، يعرض شحاتة محمد ناصر لأهم التوجهات أو المقاربات البحثية في تناول ما أُطلق عليه "الصعود السياسي للشيعة" في الشرق الأوسط بعد عام 2003، من خلال عرض نقدي لعدة دراسات صدرت في هذا الخصوص خلال السنوات الماضية، مع التركيز على الدراسات الأجنبية. ويبدو من خلال الكم الكبير من الدراسات والبحوث التي صدرت حول الشيعة منذ عام 2003، وكأن الغرب يحاول إعادة اكتشاف طبيعة الصراع داخل الإسلام وأبعاده السياسية المختلفة، وما لذلك من تأثير على مصالحه وسياساته في منطقة الشرق الأوسط. ويشير الكاتب إلى أن بعض الخبراء الغربيين الشيعة، من أصول عربية وإيرانية، لعبوا دوراً بارزاً في ذلك التوجه الغربي الجديد. وفي الدراسة الثالثة، والأخيرة، وتدور حول "صناعة القرارات الإسرائيلية في حرب الاستنزاف"، يوضح عمرو يوسف أن نوعية عملية صناعة القرار الإسرائيلي خلال سنوات حرب الاستنزاف، قد أثرت بشكل كبير على نتيجة الحرب التي خاضتها ضد مصر. حيث أن أغلب تقديرات أداء القيادة الإسرائيلية، كمهام صناعة القرار، كانت "ضعيفة" لم تحصل على تقدير "جيد" إلا في مرة واحدة. Foreign Policy انتقام الجغرافيا والتعليم المشخصن --------- ملفات دولية عدة تضمنها العدد الأخير من دورية Foreign Policy، التي تصدر كل شهرين عن مؤسسة "كارنيجي للسلام الدولي" ومقرها واشنطن. فتحت عنوان "انتقام الجغرافيا"، يرى "روبرت كابلان" مراسل الشؤون الخارجية لمجلة "اتلانتيك مونثلي"، أن الناس والأفكار يؤثرون على الأحداث، لكن الجغرافيا هي التي تتحكم في تلك الأحداث. بيد أن الإيمان بقدرة الجغرافيا لا يعني أنها قوة طاغية لا قبل للبشر بمواجهتها، بل يعني في الواقع أن البشر قادرون في سياق العولمة الحالية على الاستفادة من الجغرافيا بطرائق عديدة: ففي سياق العولمة تلعب وسائل الاتصال والتكامل الاقتصادي دوراً في إضعاف نفوذ الكثير من الدول، ويقللان من قدرتها على السيطرة على المجالين العام والخاص، على نحو يشير إلى عالم يتكون من مناطق صغيرة ومتشظية، تحاول بداخلها قوى محلية ترسيخ هوياتها وتأكيد حضورها. ونظراً لأن تلك القوى منحصرة في حدود مناطقها، فإنه يتم عادة تعريفها من خلال الجغرافيا. ويرى الكاتب أن التداعيات العديدة التي نشأت عن الأزمة المالية الحالية تزيد بدورها من أهمية الجغرافيا في عالمنا المعاصر، وذلك من خلال مساهمتها في إضعاف الأنساق الاجتماعية وغيرها من التشكيلات البشرية التي لا تجد ملاذاً في مثل هذه الحالة سوى الاحتماء داخل الحدود الطبيعية الجغرافية، ما يعني في نظر الكاتب ضرورة العودة للخرائط التي أهملناها طويلا. وتحت عنوان "التعليم المشخصن"، يقول "هوارد جاردنر" الأستاذ بـ"مدرسة هارفارد العليا للتربية"، إن التعليم في العقود القادمة سوف يتطور ليصبح تعليماً "مشخصناً" وليس تعليماً "معمماً"، أي أنه لن يتم على النمط الحالي الذي تُلقى فيه دروس موحدة على جميع الطلاب دون تمييز. ففي النمط الجديد من التعليم، سوف يتم تعليم الشخص المواد التي يرغب في تعلمها أو التي تؤهله قدراته الشخصية للتفوق فيها، وهو ما يعني أن العالم الذي سيعمل فيه مثل هؤلاء الخريجين سوف يكون مختلفاً وأكثر تطوراً، لأن كل فرد فيه سيكون قد تلقى التعليم الذي يتناسب مع ميوله واستعداداته مما يؤهله لإتقان العمل والتفوق فيه.