تحرّكت الأجهزة المعنيّة بقوة في دولة الإمارات العربية المتحدة في مواجهة خطر "إنفلونزا الخنازير"، ومنع الفيروس المسبّب لها من الدخول إلى الدولة، وهناك تنسيق واضح وفاعل بين هذه الأجهزة لتحصين البلاد من المرض. ومن المهمّ أن تستمرّ هذه اليقظة، ولا تفتر أو تتراجع مع مرور الوقت، بل تزداد قوة وفاعلية، خاصة أن الفيروس ما زال يتوسّع بشكل كبير، وينتشر باستمرار، ويمتدّ إلى بؤر جديدة في الشرق والغرب، ولم يعد محصوراً داخل عدد قليل من الدول، حتى إنّ التقديرات الدوليّة تشير إلى أنّه لا توجد أيّ دولة في العالم في مأمن تامّ من وصوله إليها. إضافة إلى ذلك، فإنّ الإصابات لم تعد بعيدة، كما كان الحال في السّابق، وإنّما أصبحت قريبة بعد اكتشاف بعضها في الهند وتركيا وبعض الدول الآسيوية الأخرى. لقد حذّرت "منظمة الصّحة العالمية" منذ أيام من الإحساس الزائف بالأمن تجاه انتشار فيروس "إنفلونزا الخنازير"، وطالبت العالم بالإبقاء على حذره واستنفاره في التعامل مع الوضع، والأمر نفسه أشار إليه الأمين العام لـ"الأمم المتحدة"، بان كي مون، حينما دعا الدول الأعضاء في "منظمة الصحة العالميّة" إلى أن تبقى "متيقظة ومنتبهة لأدنى مؤشر إلى انتشار الفيروس"، مؤكداً أنه "كما أظهرت الأوبئة السابقة، فإن الوضع يمكن أن يتطوّر على مراحل: من مرحلة معتدلة الشدة، قد تليها مرحلة أخرى أقل اعتدالا". هذه الدعوة من أمين عام "الأمم المتحدة"، تشير إلى أنّ المنظمة الدوليّة تتخوّف من تصاعد الخطر خلال الفترة المقبلة، وقلقة تجاه استمرار الجهود الدوليّة في التعامل معه على قوّتها وفاعليتها. دولة الإمارات من الدّول المنفتحة على العالم، ويعيش فيها مئات الأجناس والأعراق، لذلك فإنّ اليقظة فيها مطلوبة بقوة وباستمرار وعلى المستويات كافة، خاصّة فيما يتعلق بمراقبة المنافذ البرية والبحرية والجوية، وتوفير العقاقير اللازمة لعلاج الفيروس، والاستعداد دائماً للاحتمالات والسيناريوهات كلّها، والتركيز بشكل خاص على توعية الناس بخطورة الوضع، وكيفيّة مساعدة الأجهزة المعنية، لإبقاء دولة الإمارات خالية دائماً من فيروس "إنفلونزا الخنازير". تظهر على السّاحة الدولية تقديرات متباينة باستمرار حول مدى خطورة الفيروس، وقدرته على الانتشار، ومعدّل هذا الانتشار، وهناك من يقلّل من حجم الخطر، ويحاول أن يشيع بعض الطمأنينة لدى الناس في دول العالم المختلفة، إلا أنّ هذا يجب ألا ينال من حالة الاستنفار في مواجهة الفيروس في الإمارات، أو يقلّل الإحساس بالخطر والتهديد. ليس المطلوب إثارة الرعب أو تخويف الناس، ولعلّ من المزايا المهمّة لاستراتيجيّة التعامل مع الأزمة في الإمارات، أنّها تبتعد عن بثّ رسائل الرعب، لكن في الوقت نفسه من الضروري الحفاظ على حالة الاستعداد في درجاته القصوى. لقد أثبتت دولة الإمارات العربية المتحدة في أزمات سابقة، خاصّة أزمة "إنفلونزا الطيور"، أنّها قادرة على إدارة الأمور بشكل فعّال، وحماية البلاد من الأوبئة والأمراض الخطرة، وأصبحت الأجهزة المعنيّة تمتلك خبرة كبيرة في هذا المجال اكتسبتها خلال السنوات الماضية، وهذا يبعث على الثقة بقدرتها على التصدّي للخطر حتى يزول تماماً، خاصّة أن منهج إدارة الأزمات بشكل عام قد نضج في الإمارات من خلال الأطر المؤسسيّة التي تدعمه.