يتهم مفتي جماعة "الجهاد" المصرية، الدكتور فضل، في كتابه "قميص غزة"، حركة "حماس" برفع قميص غزة لتحقيق أهداف سياسية، تخدم أجندة قوى أكبر، وتحديداً "الإخوان" في مصر، وقوى أكبر منها جميعاً، هي حكومة الولي الفقيه الإيراني. ويدخل في هذا الموضوع من باب الصدقات، ويُخطئ ما فعله "إخوان" مصر حين أرسلوا لحوم أضاحي العيد إلى أهل غزة على حساب فقراء مصر، لأن الإسلام حدّد لمن وأين تُعطى الصدقات. فتُعطى كما في مصارف الزكاة الثمانية، وذلك في المكان الذي جُمعت منه، لقول النبي عليه الصلاة والسلام: "... تؤخذ من أغنيائهم فتُرد على فقرائهم". لذلك: "لا يجوز نقل صدقات المصريين إلى غزة أو غيرها إلا بعد سد حاجة فقراء مصر". والحكمة من هذا كما يوضّحها هو أن: "الفقير إذا رأى أن الغني قد شعر بحاجته وأحسن إليه فلن يحسده ولن يسرقه، وهذا يقلل جرائم السرقة والقتل بدافع السرقة، وبهذا يشيع الأمن بين الناس وتقل الجرائم وتتحقق مصالح اجتماعية مهمة". ويرى مفتي "الجهاد" أن نقل الصدقات ظلم لفقراء مصر، حيث أن "إخوان" مصر القائمين بهذا العمل، "يجاملون إخوان غزة ويحلّون لهم مشاكلهم على حساب فقراء مصر". وفيه استغفال لأغنياء مصر بجمع أموالهم وإرسالها إلى الخارج، ويضيف: "حتى على قول من قال من الفقهاء بجواز نقل الصدقة إلى المكان البعيد إذا كان أهله أكثر فقراً وحاجة، فإن فقراء مصر هم أيضاً الأولى بالصدقات"، فالإحصاءات تدلّ على أن متوسط دخل الفرد المصري أقل من الفلسطيني، وفي مصر تحدث حالات انتحار فردية وجماعية نتيجة الفقر، ويبيع فقراء مصر أعضاءهم البشرية، ويسقطون قتلى في طوابير الحصول على خبز، "وما يحتاجه البيت يُحرم على الجامع، ولكن الجميع قد تم إسكاتهم وخداعهم بقميص غزة". هذه المقدمة كانت ضرورية ليصل الدكتور فضل بالقارئ إلى هذه النقطة: "والمسؤول عن غزة وإفقارها هم حكام غزة"، لقول النبي عليه السلام: "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته"، ولكنهم كما قال النبي: "إن شرّ الرِعاء الحطمة"، أي الراعي الذي يحطّم رعيته. لكن ما هو المقابل؟ "لم يمضِ أسبوع (على إرسال الأضاحي) إلا وقد ردّت حماس التحية بأحسن منها، فقامت بعقد مؤتمر جماهيري أعلنت فيه تجديد البيعة والولاء للإخوان المسلمين... وهذا يعني باختصار: أن من يريد شيئاً من حماس فليتكلم مع قيادة الإخوان في مصر، وبهذا تكتسب هذه القيادة الشرعية التي تبحث عنها وتفرض شروطها في المقايضة". وكما حرم "إخوان" مصر فقراءها مجاملة لأصحابهم في غزة، فإن "إخوان" غزة، بحسب الدكتور فضل، حرموا مسلميها من الحج لأهداف سياسية، "وهذا نموذج للتلاعب بأحكام الدين من أجل المصالح الشخصية والسياسية من المتحدثين عن الإسلام". وكان المنع بهدف الحصول على اعتراف مصر والسعودية وإحراجهما، على اعتبار أن الدولتين تفرضان جوازات سفر صادرة من السلطة الفلسطينية لتسمح بعبور الحجاج. ورغم أن حكومة عباس أنهت المشكلة واعترفت بكل حجاج "حماس" إلا أن الأخيرة: "كان قد استجد لديها هدف آخر يتمثل في مهاجمة مصر والسعودية... استجابة لإيران وتنفيذ أوامرها بعرقلة مفاوضات الوحدة بين الفلسطينيين".