تعطي دولة الإمارات العربية المتحدة الطاقة المتجدّدة أهميّة خاصة من منطلقين: الأول هو سعيها إلى الاستعداد للمستقبل، وتحقيق التنمية الشاملة، حيث تشير التقديرات إلى ارتفاع الحاجة إلى الطّاقة بشكل كبير في الدولة خلال السنوات المقبلة خاصّة في إنتاج الكهرباء وتحلية المياه. المنطلق الثاني هو منطلق بيئيّ، حيث تجعل دولة الإمارات من إيجاد بيئة نظيفة هدفاً أساسياً من أهدافها، وتحاول أن توازن بين خطط التنمية الطموح، والحفاظ على البيئة. وقد أشار إلى ذلك، مؤخّراً، معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التعليم العالي والبحث العلمي خلال افتتاحه، يوم التاسع عشر من مايو 2009، أعمال "مؤتمر البنية التحتيّة والاستدامة"، الذي نظّمته وزارة الأشغال العامة بالتعاون مع "جامعة موناش" الأستراليّة. وتمثل الطّاقة المتجدّدة دعماً للبيئة، لأنّها طاقة نظيفة غير ملوّثة لها. وفي هذا السياق، فإنّ الإمارات تُعدّ من الدول الرائدة، على المستويين الإقليمي والعالمي، في مجال الاهتمام بالطاقة النظيفة والمتجدّدة، ويُعدّ مشروع "مصدر" علامة بارزة في هذا المجال، حيث يتبنّى إقامة أول مدينة في العالم خالية من الكربون. وقد فازت "مصدر" في شهر يونيو من عام 2007، بالجائزة العالميّة الأولى للطاقة النظيفة من "جمعية ترانس أتلانتيك21" في مدينة بازل السويسرية. وفي تأكيد لريادة الإمارات في مجال الاهتمام بالطّاقة النظيفة، فقد تقدّمت الدولة رسمياً بطلب لاستضافة مقر "الوكالة الدوليّة للطاقة المتجدّدة" (إيرينا) في إمارة أبوظبي، حيث تمتلك مقوّمات هذه الاستضافة. اهتمام دولة الإمارات العربيّة المتحدة بالطاقة النظيفة لا يتوقف عند حد المبادرات والمشروعات فقط، وإنّما يمتدّ إلى جانب مهمّ وأساسي هو إعداد الكوادر الوطنية المتخصّصة في هذا المجال، القادرة على التعامل معه بكفاءة كبيرة، وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى البرنامج التدريبيّ الذي أطلقته، مؤخراً، وزارة البيئة والمياه بالتعاون مع إحدى الشركات الكوريّة المتخصّصة بهدف تأهيل الكوادر الوطنية وتدريبها في مجال الطاقة المتجدّدة في كوريا الجنوبية، حيث يتم ابتعاث هذه الكوادر لغرض التدريب هناك وفق معايير محدّدة، وفي نهاية البرنامج يتم تقويم ما تحقق من أهداف له. حرص الإمارات على وجود كوادر بشريّة مواطنة في مجالات الطاقة المتجدّدة المختلفة، يشير إلى أمرين مهمّين: الأمر الأول هو أن انخراطها في هذه المجالات يعكس توجّهاً استراتيجياً يستند إلى حسابات وتقديرات دقيقة، وليس توجّهاً مؤقتاً أو قصير المدى، ولذلك يجيء الاهتمام بتوفير كلّ الإمكانات اللازمة لإنجاح هذا التوجّه وتحقيق أهدافه المرجوّة، وفي مقدّمتها وجود كوادر مواطنة متخصّصة. الأمر الثاني هو أن دولة الإمارات تدرك أهميّة الطاقة كأساس للتنمية المستدامة التي تؤكّدها القيادة الرشيدة، وتشملها كل رؤى التنمية واستراتيجيّاتها وتصوّراتها على المستويين، الاتحادي والمحلي، وبالتالي لابدّ أن تكون المسؤولية عن إنتاجها وإدارتها موكولة إلى العناصر المواطنة، خاصّة أن المسألة تتصل اتصالا مباشراً بالأمن القوميّ للدولة بمفهومه الشامل. تهتمّ الإمارات بوضع الكوادر البشرية في مقدّمة الصفوف في قيادة العملية التنموية، وتحرص على تأهيلهم وتدريبهم لامتلاك القدرة على تحمّل هذه المسؤولية في كلّ المجالات، ومنها مجال الطاقة المتجدّدة، بما ينطوي عليه من تكنولوجيا متقدّمة ومعقدة. ـــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.