أميركا تبحث عن "تنازلات" إسرائيلية... والجيش يفاقم معاناة الغزيين زيارة نتانياهو إلى الولايات المتحدة، ومواقف الإسرائيليين من إدارة أوباما، واستمرار المعاناة الإنسانية في قطاع غزة... موضوعات ثلاثة نستعرضها ضمن قراءة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. نتانياهو في واشنطن: أفردت الصحف الإسرائيلية تغطيات واسعة للزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن هذا الأسبوع، وبخاصة لقاء القمة الذي جمعه يوم الاثنين في البيت الأبيض بالرئيس الأميركي. صحيفة "جيروزاليم بوست" أفادت بأن اللقاء دام أطول مما كان مقررا سلفا - أكثر من أربع ساعات - وأعلن في أعقابه أوباما أمام الصحافيين أن "العلاقة الخاصة" بين البلدين مازالت قائمة ومستمرة. غير أن الصحيفة شددت على أنه بغض النظر عما قيل أمام كاميرات وسائل الإعلام، فإن السؤال يتعلق بما إذا كان أوباما يدرك الاختلاف بين نتانياهو الذي يرفض قيام ما قد يتحول بسرعة إلى دولة تقودها "حماس"، ونتانياهو كـ "عقبة أمام السلام"، مشددة على أن الاثنين مختلفان. وحول أكثر موضوع يقض مضجع حكومة نتانياهو، نقلت الصحيفة عن أوباما قوله إن أميركا ملتزمة تجاه أمن إسرائيل وتوافق على أن أسلحة نووية إيرانية تمثل تهديداً ليس لإسرائيل فحسب، وإنما للولايات المتحدة والاستقرار الإقليمي أيضاً. وأشارت إلى أنه رفض تحديد جدول زمني بشأن المحادثات الرامية إلى إقناع طهران بأن السعي وراء السلاح النووي أمر في غير مصلحتها، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن الإيرانيين لا يمكنهم التلكؤ والمماطلة للأبد، وإنه يتوقع نتائج هذا العام. أما حول النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، فقد ضغط أوباما في اتجاه حل الدولتين سبيلا لتسوية النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، إلا أنه أخفق في الحصول على التزام علني من نتانياهو حول إقامة دولة للفلسطينيين. وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن نتانياهو استعداده للشروع "فورا" في مفاوضات مع الرئيس الفلسطيني، ولكنه رفض بالمقابل مناقشة إمكانية تحديد الإدارة الأميركية لجدول زمني لعملية السلام؛ كما تحاشى استعمال عبارة "حل الدولتين" معللا ذلك بقوله: "أولا يجب أن نرى ما إن كانت هذه الدولة دولة تقودها حماس مثلا. وهذه مسألة أساسية. صحيح أن المصطلحات والتسميات مهمة، ولكن المبادئ الأساسية أكثر أهمية . وهذا ما نريد أن نعرفه". وفي هذه الأثناء، أفادت صحيفة "هآرتس" بأن الاتصالات بين المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين ستتواصل في الأسابيع المقبلة حيث يتوقع مسؤولو إدارة أوباما أن يعرفوا من نظرائهم الإسرائيليين أي الخطوات هم مستعدون لاتخاذها بشأن تجميد بناء المستوطنات وإزالة "المستوطنات غير العشوائية"، مضيفة أن الولايات المتحدة تتطلع لسماع المقترحات الإسرائيلية قبل الخطاب الذي من المنتظر أن يلقيه أوباما في القاهرة في الرابع من يونيو المقبل، وأن واشنطن تعلق أهمية كبيرة على تقديم إسرائيل لـ"تنازلات" بخصوص المستوطنات كوسيلة لتسهيل تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي. "31 في المئة من الإسرائيليين: أوباما يؤيد إسرائيل": عشية اجتماع القمة الذي جمع بالبيت الأبيض الأميركي الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، نشرت مؤسسة "سميث للبحوث" الأميركية يوم الأحد الماضي نتائج استطلاع حديث للرأي أجرته في إسرائيل وجد أن 31 في المئة من الإسرائيليين يعتبرون أن آراء ومواقف أوباما مؤيدة لإسرائيل. خلاصات الاستطلاع نشرتها "جيروزاليم بوست" في عددها ليوم الاثنين حيث أفادت الصحيفة بأنه إلى جانب الـ31 في المئة الذين يرون أن أوباما مؤيد لإسرائيل، فإن 14 في المئة يعتبرون أنه مؤيد للفلسطينيين، و40 في المئة يشعرون بأنه محايد، هذا في حين رفض 15 في المئة الإفصاح عما يشعرون به للمستطلِعين .وفي تعليقها على هذه الأرقام، قالت الصحيفة إن هذه الأخيرة تتباين بشدة مع أرقام سلفه جورج دبليو. بوش الذي كانت تُعتبر إدارته، حسب استطلاع الرأي نفسه، مؤيدةً لإسرائيل، من قبل 88 في المئة من المستجوَبين، في حين كان 7 في المئة من الإسرائيليين يرون أنه محايد، و2 في المئة فقط أنه مؤيد للفلسطينيين. وحسب الصحيفة، فإن استطلاع الرأي أُجري الأسبوع الماضي عقب عدد من التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية حول انتقاد مسؤولين كبار في الإدارة الأميركية، مثل نائب الرئيس الأميركي جون بايدن، ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، ومدير موظفي البيت الأبيض رام إيمانويل، للسياسات الإسرائيلية. ولكنها لفتت في الوقت نفسه إلى أن أوباما لم يكشف رسميا عن سياساته حول النزاع العربي- الإسرائيلي على اعتبار أنه رسميا مازال في "فترة مراجعة للسياسات" سيكملها بعد لقائه مع نتانياهو وعباس ومبارك بحلول نهاية الشهر، وأنه من المتوقع أن يميط عنها النقاب في خطاب يلقيه في القاهرة في الرابع من الشهر المقبل. معاناة غزة: صحيفة "هآرتس" انتقدت ضمن افتتاحية عددها لأمس الثلاثاء استمرار السلطات الإسرائيلية في حصار قطاع غزة الذي بات "واقعاً لا يطاق" تُنتهك فيه أبسط حقوق الإنسان. وفي هذا السياق تفيد الصحيفة بأن إسرائيل مازالت تحظر استيراد الكثير من المنتجات إلى القطاع، وأن عدداً صغيراً فقط من المنتجات الـ4000 التي كانت تدخل إلى القطاع قبل الحصار – الذي فُرض على القطاع غداة أسر جلعاد شاليط – يُسمح بدخولها اليوم، وأن أي شيء لا يصنَّف في خانة الغذاء أو الدواء أو المطهرات محظور دخوله، وهو ما يعني أن مواد البناء، والأجهزة الإلكترونية، قطع الغيار، المصابيح، وعود الثقاب، والإبر، والخيوط، والبطانيات، والكتب، وغيرها كثير... كلها مواد لا يسمح بدخولها. وإلى ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن المعبر بين مصر والقطاع مغلق، مما يترك معبر نحال أوز الوحيد الذي تمر منه المواد الأساسية إلى القطاع. ولكنها لفتت في الوقت نفسه إلى أن مرور السلع في هذا المعبر أو عدمه يخضع لأهواء ومزاج المسؤولين في مؤسسة الدفاع الإسرائيلية، مما يجعل إسرائيل مسؤولة عن مأساة الغزيين المتواصلة منذ 1967، كما تقول الصحيفة، بل ومسؤولية أكثر اليوم لأنها بعد القتل والدمار الذي خلفته في غزة، لا تسمح للسكان بالعودة لحياة طبيعية من جديد. والنتيجة، كما تقول، ازدهار التهريب عبر الأنفاق، الأمر الذي يقوي السوق السوداء التي تسيطر عليها "حماس"، ويعكس غباء السلطات الإسرائيلية لأن الناس مرغَمون على الدفع أكثر. إعداد: محمد وقيف