لقد قيل الكثير في الآونة الأخيرة عن التعليم، وأود هنا أن أضع الأمور في نصابها الصحيح منعاً لأي التباس، أو سوء فهم سواء من جانب الطلاب، أو أولياء الأمور، أو المدرسين (بشكل خاص). ففي الحقيقة أن أفكاري عن المدرسين لم تكن تصل بالشكل الدقيق، والمطلوب في غالبية الأحيان، بل كان يضيع منها الكثير في الطريق مما كان يجب على هؤلاء المدرسين معرفته. كثيراً ما أتحدث عن أداء منطقتنا في المجال التعليمي بحزن وعصبية، وهو ما يرجع بطبيعة الحال إلى أن الوضع بالنسبة لتلاميذ المدينة صعب. ومع ذلك، وفي الوقت الذي أدرك فيه مدى أهمية العمل المنوط بنا، أود أن أكون واضحة بشأن شيء محدد هو: أنني لا ألوم المدرسين ولا اعتبرهم سببا لتدني مستوى إنجازاتنا. لقد تحدثت مع العديد من المدرسين بما يكفي لاقتناعي بأن الخطأ لم يكن خطأهم، وأن التقصير لم يكن من جانبهم. لقد رأيتهم وهم يبذلون قصارى جهدهم في الاهتمام بكل طالب، كما أدرك تماماً أنهم يعملون في منظومة لم تُقدِرَهم لسنوات طويلة، ولم تكن تدفع لهم رواتبهم بانتظام، أو حتى توفر الكتب المقررة التي سيعملون على أساسها. ويمكنني في هذا السياق أن أقول بشكل قاطع إن هؤلاء الذين يلومون المدرسين، ويعتبرونهم سبب إخفاقات النظام العديدة، هم باختصار مخطئون. فالمدرسون ليسوا هم المشكلة، وإنما هم الحل للمشكلات المزعجة التي تواجه التعليم في المدن. وخلال الأسابيع القادمة، سنسلم مقترحاً نهائياً بشأن طبيعة العقد الجديد للمدرسين، الذي عن طريقه وبواسطة غيره من وسائل الإصلاح أن نخلق معاً، أفضل وأكفأ نوعية من المدرسين في البلاد. وأهدافنا الرئيسية في ذلك تتمثل فيما يلي: أولًا، الخيار الفردي. على العكس من كافة الإشاعات المتداولة، لن يتم إجبار أي أحد على التخلي عن وظيفته قبل انتهاء مدة عقده. كما أن جميع المدرسين سيحصلون على زيادة كبيرة في الراتب قد تصل إلى ضعف رواتبهم الحالية، ويمكن أن تصل إلى 100 ألف دولار في السنة السابعة. ثانياً: قياس التفوق، لن يتم الاعتماد فقط على العلامات التي يحصل عليها الطالب في الاختبارات لتقييم المدرسين، لأن التقييم الجيد لأدائهم يجب أن يكون شاملًا ومتوازناً في آن، ويقوم على استخدام وسائل متعددة للتقييم لقياس مدى نمو الطالب. ثالثاً:نموذج تطور الإنجاز. كثير من المدرسين يخلفون مدرسين سابقين في التدريس في فصول متأخرة كثيراً من الناحية الأكاديمية. في مثل هذه الحالة لن تتم محاسبة هؤلاء المدرسين مثل غيرهم، وإنما على أساس التطور الذي حققوه في مستوى طلاب تلك الفصول، بعد أن استلموا المسؤولية عنها. رابعاً: الحماية من الفصل التعسفي، وذلك من خلال العمل على توفير ضمانات الحماية الكافية للمدرسين. التطوير المهني والدعم: أخبرني المدرسون عن بعض تحفظاتهم تجاه العقد، وهي تحفظات تتركز على الضغوط التي يواجهها المدرسون في محاولة الإجابة على أسئلة مثل: ما الذي يمكن أن يحدث إذا لم تدعمني مدرستي؟ ما الذي يحدث عندما يكون السبب في المشكلات التي أواجهها أشياء تقع خارج نطاق سيطرتي، ولا أستطيع التحكم فيها؟ ما أود قوله بخصوص هذه النقطة تحديداً، إن الإطار الذي سنقدمه سوف يعالج هذه الأسئلة من خلال تقديم برامج قوية لتطوير المدرسين مهنياً، علاوة على أننا لن نغفل الأشياء الصغيرة، التي قد تشكل عبئاً على المدرسين المجيدين أو تعوق عملهم، بسبب تخصيصهم وقتاً لحلها. فعلى سبيل المثال ننوي خلق آلية مالية لتعويض المدرسين الذين يقومون بشراء وسائل تعليمية من جيبهم الخاص، لتطوير أدائهم وتحسين مستوى تلاميذهم، أو تعويضهم عن المكالمات الهاتفية التي يجرونها بهواتفهم النقالة للاتصال بالتلاميذ أو أولياء أمورهم، كما يجب أن تتضمن تلك الآلية وسائل مناسبة لتعويض المدرسين الذين يحلون محل زملائهم الغائبين في التدريس للفصول. فأنا من واقع خبرتي أدرك تماماً أن مثل هذه الأشياء تكلف كثيراً عندما تتراكم. في النهاية يجب أن نتحدث عن التدريس غير الفعال. وعلى الرغم من أن هذا الموضوع غير مستحب، فإننا يجب أن نتطرق إليه. وأنا هنا لا أتحدث عن تلك المواقف التي يبذل فيها المدرسون قصارى جهدهم لمواجهة تحدياتهم اليومية، لأنني اعتقد أن الجزء الأكبر من مدرسينا يوفون تلاميذهم حقهم. ولكن ذلك لا يحول بيننا وبين القول إن هناك نوعية من المدرسين تدخل إلى الفصل، وتقرأ الدرس المقرر بشكل آلي، بينما التلاميذ يلهون من حولهم. كما أنني أقصد المدرسين الذين يستخدمون وسائل العقاب البدني ضد الطلاب على الرغم من أنها محظورة، أو يخالفون بنود عقودهم الحالية حيث يتغيبون لمدة ثلاثة شهور ثم يعودون قبل إنقضائها بيوم واحد، كي يتجنبوا إنهاءها وفقاً للقوانين التي تنص بنودها على أن العقود تنتهي تلقائياً متى ما تغيب المدرس عن عمله لما يزيد عن ثلاثة شهور متصلة. مثل هؤلاء المدرسين في نظري لا يمتون بصلة إلى التعليم والتربية، ويجب التخلص منهم في أسرع وقت ممكن. أما هؤلاء الذين يراعون ضمائرهم في التدريس فيستحقون منا أكبر مكافأة نستطيع تقديمها، علاوة على أن المدرسين الذين يعملون في مناطق تستلزم جهداً شاقاً، يستحقون منا أفضل الفرص المتاحة لتطوير أدائهم، وآمل أن يكون المكلفون بصياغة العقود الجديدة حريصين على دعم المدرسين، ودفعهم للاستمرار في حب هذه المهنة الشاقة، وتطوير أنفسهم نحو الأفضل على الدوام. ------- ميتشيل ري رئيسة التعليم العام في "واشنطن دي.سي" -------- ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"