مانيفستو لحرية الإعلام ------------- في كتابهما "مانيفستو لحرية الإعلام" يسلط المؤلفان "برايان سي أندرسون" رئيس تحرير دورية"سيتي جورنال" التي يصدرها معهد مانهاتن، و" آدم ثيرار " المدير السابق للاتصالات بجامعة "كاتو" في واشنطن دي. سي، الضوء على واحدة من المفارقات المركزية لعصر المعلومات، وهي أنه على الرغم من ذلك العدد الهائل من المنابر الإعلامية الجديدة والقديمة على حد سواء، الذي لا يتوقف عن ضخ الأخبار والمعلومات على مدار الساعة، فإن هناك أناسا يكرهون هذا الدفق المستمر من الأخبار والمواد الإعلامية، ويرون أن وسائل الإعلام الحالية لا تعبر تعبيراً دقيقاً عن التنوع الحقيقي السائد في المجتمع، وأنها تفتقر إلى النزاهة والحياد، وتخضع للاستغلال من جانب زمرة يتقلص عددها على الدوام من بارونات الإعلام الذين يعملون على تحويل مشروعاتهم الإعلامية إلى مشروعات ليس لها من هدف سوى الربح فقط. وهذه الطائفة من الناس يدعون الحكومات إلى التدخل من أجل تنظيم السوق الإعلامي، وتحسين شكله، بحيث يكون متفقاً مع رغباتهم، ومحققاً لمصالحهم. ويرى المؤلفان أن هذه الدعوة للتدخل الحكومي لتنظيم سوق الإعلام لو تجسدت في الواقع، فسوف تكون بمثابة الكارثة، لأنها ستمثل نوعاً من الطغيان البديل، الكفيل بالقضاء على وسائل إعلامية كاملة، والحد من حرية التعبير، وإفقار الديمقراطية في نهاية المطاف. ويبين المؤلفان الصعوبات التي ستواجهها وسائل الإعلام في حالة التدخل الحكومي في عملها ومنها القيود المفروضة على امتلاك وسائل الإعلام، والرقابة على وسائل الإعلام الفضائية والأرضية، والرقابة على ألعاب الفيديو، وقواعد مواقع الشبكات الخاصة بالتواصل الاجتماعي على الإنترنت، وما إلى ذلك. ويقول المؤلفان إن مواجهة تلك المصاعب والتحديات تكون من خلال توسيع نطاق الحرية الإعلامية، لأن هذه الحرية هي وحدها القادرة على مواجهة محاولات الداعين إلى فرض الرقابة على وسائل الإعلام. وبالنسبة لمؤسسي وسائل الإعلام وموزعي خدماتها فإن الحرية المقصودة هي الحرية في هيكلة مشاريعهم بالطريقة التي يعتقدون أنها ستمكنهم من تقديم طائفة متزايدة من الخيارات الإعلامية الإخبارية أو الترفيهية. ويقول المؤلفان إنه على الرغم من أن وسائل الإعلام في الولايات المتحدة كانت تتعرض أحياناً لهجمات من جانب اليمينيين في الحزب الجمهوري والصحف المحافظة، فإن أخطر التهديدات التي تواجه حرية الإعلام اليوم تأتي من ناحية اليسار، ويقولان إنهما فكرا في التعاون في تأليف هذا الكتاب كي يكون بمثابة مانيفستو لحرية الإعلام، ولكي يتمكنا من الرد من خلاله على الحملات اليسارية المستمرة للتدخل في المسائل المتعلقة بتنظيم وسائل الإعلام. والمشكلة في نظرهما تتمثل أساساً في أن اليسار يعتقد أن المشكلات الإعلامية تؤثر تأثيراً ضاراً على المجتمع الأميركي، وأنا لخيارات المتاحة أمام الإعلام أكثر مما ينبغي، وبدرجة لا تجعل الشعب الأميركي قادراً على تكوين رؤى أو مشاعر موحدة تجاه القضايا المختلفة، الداخلي منها والخارجي. ويضيفان إلى ما سبق قولهما إنه على الرغم من التناقض بين هاتين الرؤيتين إلا أن الحقيقة هي أن هناك خيطاً ناظماً يجمع بينهما، يتمثل في تلك النظرة النخبوية التي ينظر بها كل فريق إلى نفسه، والتي تجعله يعتقد أنه وحده هو الذي يعرف ما هو الشيء الذي ينفع أميركا والشيء الذي يضرها، بصرف النظر عما يعتقده الآخرون، كما أن كل فريق منهما يرغب في إعادة صياغة القواعد المنظمة لعمل وسائل الإعلام بحيث يجعلها تعمل وفق هواه، وفي الاتجاه الذي يريده. وينبه المؤلفان في نهاية كتابهما إلى نقطة مهمة فيقولان إن مثل تلك الجماعات إذا ما تركت كي تنفذ ما تهدف إليه، فإن الدعائم التي قام عليها العصر الإعلامي الحالي الذي يعتبر في نظر الكثيرين عصراً ذهبيا، يمكن أن تتقوض فجأة، وأن الشيء الذي يفاقم من خطورة هذه الظاهرة أنها مدفوعة من قبل مجموعة كبيرة من المراكز الفكرية ذات الميول اليسارية مثل "فري برس" و"ميديا أكسس بروجيكت" و"نيو أميركا فاونديشين" وهي جماعات يتوقع أن يكون لها صوت مسموع في عهد إدارة أوباما، وخصوصاً في المسائل المتعلقة بالقوانين المنظمة لعمل الإعلام، والقواعد المتعلقة باستخدام الإنترنت وهو ما يهدد في حد ذاته بوضع مزيد من القيود على هذه الوسائل وعلى حرية التعبير. ويختتم المؤلفان الكتاب بالفقرة التي يقولان إنها تمثل مانيفستو لحرية الإعلام وهي: "هناك طائفة من النشطاء الليبراليين في المجال الإعلامي تحاول مدفوعة في ذلك بالرغبة المجردة في السيطرة السياسية، والخوف المرضي من كل ما هو جديد، ومن الأراء الأصيلة المتعلقة بحياد وسائل الإعلام ونزاهتها، التهديد بتفعيل قوانين سوف تخنق، أو على الأقل تعوق هذا التطور الاجتماعي قبل أن يصل إلى مداه. وهؤلاء الذين يقفون في صفوف اليمين ليسوا براء من هذه الدوافع أيضاً. ولكنهم، وباعتبارهم المستفيدين الرئيسيين من الوفرة الإعلامية الحالية، والذين سوف يكونون أول من يعانون من المشهد الإعلامي المعاد صياغته من قبل الحزب الديمقراطي، والناشطين الليبراليين، يجب أن يعتنقوا، ويدافعوا عن، ويوسعوا من نطاق الحرية التي جعلوها ممكنة". سعيد كامل --------- الكتاب: مانيفستو لحرية الإعلام المؤلفان: برايان سي أندرسون -آدم ثيرار الناشر: إنكاونتر بوكس تاريخ النشر: 2008