وصفة علاجية للاقتصاد البريطاني وضحية جديدة في الحرب على الإرهاب تداعيات الأزمة المالية، وقضية الإثيوبي"بنيام محمد"، وفساد منظومة العدالة الروسية، وبقاء الأمور على حالها في زيمبابوي، موضوعات حظيت باهتمام خاص في الصحف البريطانية هذا الأسبوع. "الناس أولًا لا البنوك": كان هذا هو عنوان المقال الذي كتبه رئيس الوزراء البريطاني"جوردون براون" في عدد الأوبزرفر الأحد الماضي، والذي بدأه بالقول إن بريطانيا مطالبة حتى في الوقت الذي تواجه فيه التداعيات الصعبة التي يمثلها الركود الاقتصادي العالمي، بالعمل من أجل حماية شعبها، ووضع الأسس التي تمكنها من الاستعداد الجيد لمواجهة تحديات المستقبل. ورفض "براون" الفكرة التي تطالب بتقليص الإنفاق في الوقت الراهن حيث يرى أن اقتصاد المستقبل في بريطانيا سيكون اقتصاداً معتمداً على الصناعة عالية التقنية، منخفضة الكربون، وعلى توفير الخدمات الضرورية لكافة قطاعات المجتمع وأن هذا النوع من الاقتصاد يستلزم زيادة الإنفاق ـ لا تقليصه ـ في مجال العلوم والوظائف الخضراء، والمهارات، والبنية الأساسية الرقمية، كما يستلزم أيضاً منظومة بنكية مُعدَلة ومسؤولة تعمل من أجل تحقيق المصلحة طويلة الأمد للمجتمع لا من أجل مصلحتها أو مصلحة مديريها قصيرة الأمد.وهذه المنظومة البنكية تحتاج أيضاً إلى إدارة رشيدة تضطلع بها قيادات تتمتع بالمعرفة العلمية، والخبرة العملية، والقدرة على قراءة معطيات البيئة المالية والاقتصادية المحلية والعالمية، وعلى التقدير الجيد للمخاطر، وعلى أن تكون خادمة للاقتصاد والمجتمع البريطاني لا سيدة لهما. "ظلم العدالة الروسية": تناولت افتتاحية "الفاينانشيال تايمز" يوم الأحد الماضي التي تحمل هذا العنوان موضوع الإفراج عن المشتبه بارتكابهم لحادث قتل الصحفية الروسية المعارضة "آنا بوليتكوفسكايا". تقول الصحيفة إن الإفراج عن المتهمين لعدم كفاية الأدلة كان قراراً صائباً، لأنه كان واضحاً منذ البداية أن القضية مليئة بالثغرات، ولكن القرار مع ذلك لا يعني أن نظام العدالة في روسيا قد أصبح على ما يرام، لأن الحقيقة هي أنه ليس كذلك ولا يزال يخضع لسيطرة وتدخلات الدولة، التي تحاول التغطية على الأدلة التي يمكن أن تكشف عن تورط أجهزتها في اغتيال الصحفية المغدورة بسبب المقالات ذات النبرة الحادة التي كانت تكتبها ضد الكريملن. ودعت الصحيفة الرئيس الروسي إلى دعم الطلب الذي تقدم به المدعون العموميون بفتح باب التحقيق مجدداً في القضية، وإصدار أوامره لضباط الأمن والاستخبارات بالتعاون مع سلطات التحقيق. كما دعت الصحيفة شركاء روسيا الدوليين إلى ممارسة الضغط على الكريملن وتذكيره بأن مثل هذه الجرائم تسيء إلى صورة روسيا في الخارج وتصمها بعدم التحضر، وحثه على الاستفادة من الفرصة الذهبية التي تتيحها له هذا القضية لتنظيف سمعة جهاز العدالة الروسية مما علق بها من شوائب وأدران. "إحدى خسائر الحرب على الإرهاب": في افتتاحيتها أول من أمس الثلاثاء التي تناولت فيها قضية الإثيوبي"بنيام محمد" الذي وصل إلى بريطانيا مؤخرا وهو في حالة من الضعف الشديد بسبب إضرابه عن الطعام لمدة شهر بالإضافة إلى قضائه لسبع سنين كاملة في سجون باكستان والمغرب وجوانتانامو تعرض خلالها إلى تعذيب بشع ـ كما يدعي. وإشارت الافتتاحية الى تصريح "بنيام" الذي قال فيه إنه على الرغم من التجربة المروعة التي مر بها، فإن أقسى لحظة واجهها كانت هي عندما علم أن السلطات البريطانية ذاتها كانت متواطئة مع الجهات التي قامت بتعذيبه في الدول الثلاث. ودعت الصحيفة إلى فتح تحقيق في إدعاءات "بنيام" لاستجلاء الحقيقة، غير أنها أكدت مع ذلك أن ملابسات هذه القضية ليست إلا دليلاً يُضاف إلى العديد من الأدلة التي تثبت أن بريطانيا بلير قد تواطأت مع إدارة بوش في حربها على الإرهاب، وأن الأمر لا يتعلق بتورط ضابط أو ضابطين من جهاز الخدمة الخارجية" إم. آي. 6" وإنما بتورط جهاز بأكمله أصدر قادته تعليمات بغض الطرف عما كانت تقوم به إدارة بوش من تعذيب في نطاق حربها على الإرهاب كما كشف عن ذلك السير "كي ماكدونالد" مدير الإدعاء العام السابق في مقال له نشر مؤخرا في" التايمز" تناول فيه الأضرار التي لحقت بسمعة منظومتي العدالة في بريطانيا وأميركا والضحايا الذين سقطوا في الحرب على الإرهاب والذي لن يكون "بنيام محمد" آخرهم. "قانون موجابي لا يزال كما هو": في افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي تقول "الديلي تلجراف" إن الأمر لم يستغرق أكثر من أسبوعين كي يكشف الرئيس "روبرت موجابي" عن سوء النية التي كان يضمرها وهو يتفق مع "مورجان تشانجراي" على تشكيل حكومة وحدة وطنية. ففي اليوم الذي تم فيه تشكيل الوزارة الجديدة، قبضت أجهزة موجابي على أمين صندوق حزب تشانجراي "حركة التغيير الديمقراطي"، بتهمة ملفقة تتعلق بالإرهاب والحيازة غير القانونية للأسلحة، ثم أُفرج عنه بكفالة تم التراجع عنها فيما بعد. ولم يكتف موجابي بذلك بل أصدر أوامره لحزبه الجبهة الوطنية ـ زانو باستهداف 100 مزارع أبيض وطردهم من مزارعهم ( من إجمالي 300 مزارع مازالوا يمارسون أعمالهم ) وترى الصحيفة أن تلك الإجراءات هي مجرد أدلة مبكرة على الضعف الذي سيكون عليه نفوذ حزب "حركة التغيير الديمقراطي" داخل حكومة الوحدة الوطنية ووجهت التحذير لـ"تشانجراي" من أنه إذا لم يمتلك القدرة على إيقاف تجاوزات حزب "الجبهة الوطنيةـ زانو" وخصوصاً ما يتعلق بمصادرات أراضي البيض، فإن الحكومة التي يقودها ستتحول إلى حكومة صورية، وهو ما ستكون له تداعيات خطيرة منها أن الغرب سيتردد كثيراً في تقديم المساعدات التي تحتاجها البلاد بصورة ماسة لإنقاذ الشعب من المجاعة ومن مرض الكوليرا المنتشر على نطاق واسع طالما أن الأمور لم تتغير في زيمبابوي الذي لا يزال موجابي قابضا على زمام الأمور فيها ولا يزال قانونه هو الساري. إعداد:سعيد كامل