يمثّل إصدار سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، وزير شؤون الرئاسة، رئيس دائرة القضاء في إمارة أبوظبي، قراراً بإنشاء "نيابة عامة للأموال" في الإمارة تختص بالجرائم التي تقع على المال العام والخاص، مؤخّراً، خطوة على درجة كبيرة من الأهمية والحيوية على المستويين القضائي والاقتصادي. فوجود نيابة معنيّة بقضايا الأموال في أبوظبي يعزّز من التوجّه نحو القضاء المتخصّص في الإمارة، وهو التوجّه الذي عبّرت عنه توجيهات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان العام الماضي 2008، والقاضية بإنشاء محاكم متخصّصة في أبوظبي تكون مهمّتها النظر في القضايا الاقتصادية بمختلف أنواعها. هذا القضاء المتخصّص يحقق هدفاً أساسياً، هو سرعة تحقيق العدل من خلال سرعة البتّ في القضايا، كما أنه يعبّر عن تفاعل إيجابي وواعٍ مع التحوّلات الكبيرة على الساحة الاقتصادية، التي أنتجت الكثير من المشكلات والقضايا التي تحتاج إلى قضاء متخصص يمكنه التعامل معها والبتّ فيها بفاعلية كبرى. "النيابة العامة للأموال" تعزّز دور القضاء الإماراتي في ملاحقة أي مظاهر للانحراف المالي، وتمثّل إضافة مهمة إلى جهود الدولة في مواجهة بعض الظواهر المالية والاقتصادية السلبية، خاصة غسيل الأموال وتوظيف الأموال والنصب والاحتيال وغيرها، وهي الجهود التي تلقى إشادة من قبل المنظّمات الدولية المتخصّصة، وتؤكّد الثقة بالاقتصاد الوطني على الساحة العالمية، وهذا ما يظهر في كثير من التقارير الدولية المتخصّصة في هذا المجال. تحرص الإمارات وقيادتها الرشيدة على تعزيز الشفافية في المجال الاقتصادي، من ثلاثة منطلقات أساسية؛ الأول، تحقيق التوظيف الأمثل للمال العام والخاص لخدمة أهداف التنمية الوطنية، وحمايته من أي انحراف أو خلل مهما كان صغيراً. الثاني، التجاوب مع معايير الانخراط في العولمة الاقتصادية، وهي معايير تؤكّد بشكل أساسي الشفافية وضرورة تحقيقها. الثالث، تعزيز موقع الإمارات كبيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية بمختلف أنواعها. وهذا لا يتحقّق من خلال بنية تحتية قوية وحديثة أو تشريعات اقتصادية متطوّرة أو موارد بشرية مدربة فقط، مع الأهمية الكبيرة والمحورية لكل ذلك، وإنما أيضاً من خلال نظام قضائي عصري ومتخصّص يجعل المستثمرين وأصحاب الأعمال مطمئنّين على أعمالهم وأموالهم وحقوقهم وعلى الفصل في أي مشكلة تتعلّق بهم في وقت قصير، حيث يعتبر الجانب القضائي من أهم جوانب أو أسس التنمية الاقتصادية في الدول المتقدمة. في هذا الإطار فإن إنشاء نيابة عامة متخصصة في الجرائم المتعلّقة بالمال العام والخاص، من شأنه أن يعزّز الصورة الإيجابية عن الاقتصاد الإماراتي في العالم، ويزيد من الثقة به خلال الفترة المقبلة. فدولة الإمارات العربية المتحدة دولة منفتحة على العالم ثقافياً واقتصادياً، وتمتلك اقتصاداً حراً ومندمجاً في الاقتصاد العالمي، وتحقّق معدلات تنمية كبيرة، وهذا يجعلها عرضة لبعض المخاطر المتعلّقة بالجرائم الاقتصادية والمالية، ولهذا يجيء اهتمامها الكبير بوضع النظم والتدابير التي تمنع وقوع هذه الجرائم وتحصّن الاقتصاد الوطني في مواجهتها، ويندرج إنشاء "نيابة عامة للأموال" في إمارة أبوظبي ضمن استراتيجية شاملة ومحكمة ضمنت للإمارات، على الدوام، الاستقرار المالي والاقتصادي، وأكّدت صورتها كدولة صاحبة اقتصاد قوي ومستقر وشفاف. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية