أصبح "المجلس الوطني الاتحادي" يقوم بدور فاعل فيما يخصّ القضايا الأساسية التي تحتلّ مكانة متقدّمة في أجندة الاهتمامات الوطنية خلال المرحلة الراهنة. ولم يعد يقتصر هذا الدور على الصعيد الداخلي، فحسب، وإنما أصبح يقوم أيضاً بدور مهمّ على الصعيد الخارجي، وهو دعم السياسة الخارجية للدولة. أحد مظاهر هذا الدعم تجلّى بوضوح، مؤخّراً، حين نجح وفد المجلس الذي شارك في الدورة الحادية عشرة لـ"اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي" (نيامي) في إلغاء البند (7-27 ) الذي صدر في اجتماع اللجنة التنفيذية التاسع عشر لـ"اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي"، والذي ينصّ على "تفادي مناقشة أي موضوعات خلافية بين البرلمانات الأعضاء في إطار الاتحاد". نجاح "المجلس الوطني" في هذا يرجع إلى الثقل السياسي الذي تتمتّع به دولة الإمارات في العالم الإسلامي، وإلى قدرتها على حشد المواقف العربية لدعم موقفها، وكذلك إلى قوة الحجج التي قدّمها وفد الدولة لـ"اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي"، على أساس أن هذا البند يخالف ميثاق منظمة المؤتمر الإسلامي، الذي ينص في المادة الثانية على: "احترام سيادة واستقلال ووحدة أراضي كل دولة عضو وحل ما قد ينشأ من منازعات فيما بينها بحلول سلمية، كالمفاوضات أو الوساطة أو التوفيق أو التحكيم". والواقع أن نجاح وفد "المجلس الوطني الاتحادي" في هذا ينطوي على أهمية كبرى، ليس لأن هذا البند في حال إقراره كان من شأنه حرمان دولة الإمارات من إدراج قضاياها على جداول أعمال مؤتمر هذا الاتحاد ومجلسه، ومنها قضية احتلال إيران الجزر الإماراتية الثلاث "طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبو موسى"، بل وأيضاً لأنه يؤكّد من ناحية ثانية تفاعل المجلس مع قضايا السياسة الخارجية للدولة، ودعم الجهود الحكومية في التعاطي معها. ولاشك في أن هذا التفاعل الوثيق الذي يقوم به "المجلس الوطني الاتحادي" وطبيعة العلاقة القائمة بينه وبين الحكومة؛ هذان الأمران، يؤكّدان التطوّر الحادث في دور المجلس وما تشهده الحياة البرلمانية في الدولة من تطوّر باتجاه تكريس دور المجلس كمؤسسة تشريعية في النظام السياسي. إحدى الآليات المهمّة التي يقوم بها "المجلس الوطني الاتحادي" لدعم السياسة الخارجية للدولة تتمثّل في الدبلوماسية البرلمانية، حيث يشارك بفاعلية وبكثافة في العديد من المؤتمرات البرلمانية، سواء على الصعيد العربي أو الإقليمي أوالدولي، ما حقّق مكاسب نوعية لأجندة العمل الإماراتي على صعيد بعض القضايا الحيوية، ولاسيّما قضية الجزر الثلاث المحتلة، حيث نجحت الوفود البرلمانية لـ"المجلس الوطني الاتحادي" في كسب أرضية سياسية جديدة داعمة لموقف الإمارات وسيادتها على جزرها الثلاث التي تحتلها إيران. كما لعبت التحرّكات البرلمانية الخارجية لجولات وفود "المجلس الوطني الاتحادي" دوراً ملموساً في تعزيز علاقات الدولة مع العالم الخارجي، ما يفتح آفاقاً جديدة للعمل الدبلوماسي ويقدّم إسناداً حيوياً لجهود توطيد علاقات الدولة مع جميع الدول الصديقة والشقيقة. كما تفاعل المجلس، بشكل مبكر، مع "الأزمة المالية العالمية" التي هزّت الكثير من اقتصادات دول العالم، عندما طلب وفد المجلس إدراج بند طارئ بعنوان "دور البرلمانات في احتواء الأزمة المالية العالمية وأثرها في الاقتصادات الوطنية"، على جدول أعمال المؤتمر البرلماني الدولي الذي عقد في أكتوبر الماضي 2008. وهذا يعكس إدراكاً منه لما يمكن أن تفرزه هذه الأزمة على اقتصادات دول العالم أجمع. التنامي الحادث في دور "المجلس الوطني الاتحادي" على الصعيد الداخلي والخارجي يجسّد بشكل واضح رؤية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- في تفعيل دور المجلس، وتمكينه ليكون سلطة مساندة ومرشدة وداعمة للسلطة التنفيذية. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية