التصريحات العدوانية الإيرانية ضد البحرين وبتبعيتها لإيران كمحافظة إيرانية، سبقها تصريحات بغلق مضيق هرمز، واستمرار وتعنت في رفض حل مشكلة الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة من قبل إيران منذ أيام الشاه. هذه التصريحات التهديدية لا تخدم حسن الجوار ولا التعاون الإقليمي الأمني يبن ضفتي الخليج، ولا الانفتاح وتنشيط التبادل التجاري العربي- الإيراني، ولا المناصرة الإيرانية المزعومة لقضية فلسطين، ولا أياً من الأهداف الحسنة التي يسعى لها الخيرون بين الجانبين العربي والإيراني. إيران الرسمية من جانبها، تردد عبارات الطمأنة تلو الأخرى مكررة أن هذه التصريحات لا تعبر إلا عن رأي أصحابها، وبأنها لا تمثل إيران الرسمية. وهذا القول "ماخوذ خيره" كما نقول في الخليج. وذلك لأن إيران ليست دولة معروفة بالتعددية في الرأي والأحزاب السياسية المتباينة، فهي دولة الحزب الواحد والرأي الواحد الذي يفرض ولاية الفقيه حتى ظهور المهدي المنتظر. وبالتالي محاولة التذاكي بالتعددية في تبرير هذه التصريحات العدوانية مسألة مرفوضة. فهل يسمح في إيران بالقول إن الخليج عربي وليس فارسياً؟ وهل يسمح بالقول داخل إيران بأن للعرب الإيرانيين في عربستان حقوقاً ثقافية تتعرض للقمع والمصادرة؟ وهل يسمح في إيران بالمطالبة بمساواة كافة المذاهب الإسلامية وحرية التعبد حسب أي مذهب ديني؟ لا بل هل يسمح لمن يختلف مع نظرية ولاية الفقيه من داخل النظام نفسه بالتعبير عن رأيه، أم أنه سيزاح من المشهد وتفرض عليه الإقامة الجبرية مثلما حدث مع آية الله منتظري -الخليفة المفترض لآية الله الخميني؟ لا يمكن إلقاء اللوم منفرداً على إيران وطموحها في الهيمنة أو لعب دور القوي وهي تستعد للحوار مع إدارة أوباما، ولكني ألومنا في الخليج، حيث الدول الست التي عانت من طيش الديكتاتورية الدينية في إيران والعسكرية في العراق. ثلاثون عاماً على مجلس التعاون الخليجي ونحن لا نزال نحلم بجيش خليجي موحد يفرض احترامنا أمام العالم الخارجي، ويبرر لحلفائنا مساندتنا في حال العدوان. لكننا -للأسف- نرقب الأرقام الفلكية للتسليح في ميزانيات دول الخليج، ولا نرى تنسيقاً عسكرياً على مستوى التهديدات. فصرنا "الطوفة الهابطة" التي يتجرأ الكل على القفز من فوقها، وأصبحنا أوراقاً للعبة إيران في مساومات الهيمنة على المنطقة. وماذا عسى فريق "المقاومة" يفعل ليقاوم هذا التهديد العبثي الإيراني للبحرين -ولو بكلمة استنكار. فالبحرين مثل أي بقعة عربية أخرى، لابد أن نقاوم أي تهديد باحتلالها، وقدسيتها مثل قدسية غزة والقدس ورام الله والجولان، وعلى من يتوقع مناصرة الجميع لحقه، أن يكون أول المناصرين للحق. ترى! هل نسمع تصريحاً من "حماس" -وإن على استحياء- يدين "التصريحات غير المسؤولة" لبعض الأطراف الإيرانية بتهديد دول الخليج؟ أو نسمع تعليقاً سورياً -ولو لم يكن بالضرورة رسمياً- يرفض هذا الوعيد المعلن، والتهديد المبطن للبحرين العربية؟ إيران تحاول أن تصدر مشاكلها، وأن توجه أنظار شعوبها خارج حدودها، وتتصاعد هذه السياسة مع تنازل أسعار البترول، ومع شدة الخناق الاقتصادي على إيران التي تصرف بلايينها لبرنامج نووي لا طائل من ورائه، في وقت أممت فيه الأسبوع الماضي ثاني أكبر بنك في البلاد (ملت بنك) كأحد مؤشرات الأزمة الاقتصادية. يوم حشد صدام قواته على الحدود الكويتية قبل غزوها، لم يصدق أحد بأنه سيجتاحها، وكان أكثر المتشائمين يقول إنها تهديدات ابتزازية. وحين احتل صدام بلادهم، تلاوم بعض الكويتيين: ليتنا لم ندخر وسيلة دفاعية احترازية ولو باستدعاء القوات الأجنبية.= كأني بالبحرين تردد في نفسها: من لدغته الحية، خاف من الحبل!! د. سعد بن طفلة العجمي