في الثاني عشر من شهر فبراير الجاري، حلّت ذكرى مرور 37 عاماً على عقد أوّل جلسة للمجلس الوطنيّ الاتحاديّ في عام 1972. وخلال هذه السّنوات الطويلة كان المجلس أحد أهمّ أطر تعزيز التجربة الوحدويّة الإماراتيّة ورفدها بكل ما هو إيجابيّ وبناء، وتحقيق التفاعل بين المواطنين والقيادة، ومناقشة قضايا الوطن، الداخليّة والخارجيّة، بحسّ وطنيّ مخلص. لقد جاء إنشاء المجلس الوطنيّ الاتحاديّ في عام 1972، أي في العام التالي لقيام دولة الوحدة، وكان ذلك تعبيراً عن إيمان مؤسّسي الاتحاد بأهميّة أن تقوم دولة الإمارات على الشورى والتفاعل بين القيادة والشعب، لأنّ هذا هو ما يحمي التّجربة الاتحاديّة، ويسندها إلى قيادة شعبيّة قويّة، في ظلّ ما مرّت به من مشكلات، وما اعترضها من تحديات. وقد عايش المجلس الوطنيّ الاتحاديّ المراحل المختلفة التي مرّت بها دولة الاتحاد، وقام بدوره في كلّ مرحلة من هذه المراحل من خلال تقديم المشورة الصادقة، والتعبير بأمانة عن مشكلات الإماراتيين وتطلّعاتهم، وتطوّر، من حيث الآليّات والسّلطات، مع التطوّر الذي لحق بالبلاد على المستويات المختلفة وانتقالها من مرحلة التأسيس إلى مرحلة التمكين. ومثلما كان المجلس الوطنيّ في قلب الرؤية القياديّة للمغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في مرحلة التأسيس، فقد أصبح الارتقاء به وتطويره وتوسيع سلطاته ضمن أهم أولويّات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- في مرحلة التمكين، وفي هذا الإطار جاءت الانتخابات التي جرت في السادس عشر من ديسمبر من عام 2006 لاختيار نصف أعضاء المجلس، وذلك للمرّة الأولى في تاريخه، كما جاءت التّعديلات الدستوريّة الأخيرة التي زادت من سلطاته ومدّة عضويّته. يضاف إلى ذلك حرص الحكومة على التفاعل مع توصيات المجلس، وحرص الوزراء على حضور جلساته والتجاوب مع أطروحات أعضائه، والتفاعل معها بشكل إيجابيّ بما فيه خدمة المواطنين. لقد استطاع المجلس الوطنيّ الاتحاديّ أن يثير الكثير من القضايا التي تهمّ المواطنين وتتصل بحياتهم ومعيشتهم ومستقبلهم، وكان عوناً للحكومة، من خلال توصياته بشأن هذه القضايا، في صياغة سياسات فاعلة تجاهها. ولم يتوقف دور المجلس على الداخل فحسب، وإنّما امتدّ إلى الخارج من خلال مشاركاته الفاعلة في الفعاليات البرلمانيّة الخليجيّة والعربيّة والدوليّة، والدّور المهمّ الذي لعبه ويلعبه في طرح وجهة نظر دولة الإمارات تجاه القضايا المختلفة، وتبنّيه قضايا الوطن، وفي مقدّمتها قضيّة الجزر الإماراتيّة المحتلة، أبو موسى، وطنب الكبرى، وطنب الصغرى، في المحافل البرلمانيّة المختلفة، وحشده التأييد البرلمانيّ لها بما قوّى ويقوّي من موقف الإمارات فيها. هناك نهج إماراتيّ فيما يخص المجلس الوطنيّ والتطور السياسي بشكل عام، أثبتت التجربة حيويّته ونجاحه، يتمثل في التدرّج المحسوب الذي يجعل كل خطوة في وقتها ومكانها دون تقديم أو تأخير، وهذا هو الذي ضمن للمجتمع الإماراتيّ استقراره وتنميته خلال السنوات الماضية، لأنّ كل خطوة تطويريّة وجدت مجتمعاً مهيّأً للتعامل والتفاعل الإيجابيّ معها دون حرق للمراحل أو السقوط في الجمود والتكلّس، ولعل التعاون الحاصل بين المجلس الوطنيّ والحكومة في الإمارات، يؤكّد هذا المعنى بوضوح، خاصة أنّ الجميع يعمل لمصلحة الوطن والمواطن في ظل تجربة سياسيّة ثريّة وناضجة. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية