سيحرز باراك أوباما نجاحاً حقيقياً في خطة التحفيز الاقتصادي الضخمة، البالغة قيمتها 789مليار دولار، والتي كما يقول المحللون سبب فوزه في الانتخابات. فالأمل في إنعاش الاقتصاد المحتضر، ارتبط دائماً بخطة تحفيز تضخ فيها مليارات لإنقاذ بشر مهددين بالجوع. وكان حديثه -باراك أوباما- عن الأشخاص أسباب الأزمة ومحاسبتهم مدعاة للتساؤل، ماذا عن باقي دول العالم الثالث، التي تئن تحت وطأة استغلال البعض وسوء تدبيرهم حين يتعلق الأمر بالصالح العام؟ بالضرورة ستكون خطة الإنعاش منعشة لركود غيرها من الدول التي تأثرت من كساد أودى بحياة انتعاش اقتصادي في فترة زمنية وجيزة. ففي عام 2001 كشفت مؤسسة "مورجان ستانلي" أن تضخم عبء الديون الفردية يلعب دوراً كبيراً في تقويض النمو الاقتصادي. يبدو أن الخديعة طالت الجميع بما فيها أقوى دولة في العالم، ولكن من المهم مواجهة الأزمة بشجاعة وشفافية والاعترف بها أولاً، والبحث لها عن حلول ثانياً. محاسبة المتسبب في الضرر الذي طال الولايات المتحدة وأضر باقتصادها من شأنه أن يحدد حجم الخسائر بدقة والرقم الفعلي للأموال المهدرة، وهذا يتطلب التحقيق فيما إذا كان القائم على رؤوس الأموال كفؤاً لإدارتها واستثمار أصولها، ناهيك عن اللجوء لأصحاب الخبرة الاقتصادية، ومن لهم باع في مجال التحليل وطرح الحلول، فليس من المنطقي التمسك بذات السياسات أو التعامل معها كأنها حصان رابح رغم كل سجل التعثر التي حفلت به في الماضي القريب جداً. هذه الشفافية ذاتها ستدفع بالاقتصاد الأميركي نحو إنقاذ سريع ونهوض أسرع من كبوة الكساد وأسبابه، ولعل هذا هو المحك الأصيل في فعل الإنقاذ، وهو البحث عن حلول بديلة واستثارة أصحاب الخبرة الثقات الذين بإمكانهم وضع اقتصاديات بلدانهم في وضع يستطيع التغلب على نقاط ضعفه، وبالتالي إمكانية مواجهة الأزمة والخروج من هذا المأزق الشائك. فإذا كان باراك أوباما قد نجح وهو في بداية عهده، وتمكن من الحصول على موافقة الكونجرس على خطته الطموحة، فإن الناخب الأميركي لن يأسف على ترشيحه لهذا الرئيس متعدد الألوان والخلفيات الثقافية. ولعل أكثر من يلفت النظر أنه في كافة أحاديثه يتمسك بحب الوطن والبحث له عن مخارج تقي الوطن من كل تبعات الأزمة الاقتصادية. فهذا الحب هو الرابط الأقوى الذي يصل كل أطياف المجتمعات ببعضها بعضا، والذي يعمل على رأب أية تصدعات تثيرها أزمة مهما كان نوعها. وبالنسبة لأوباما فإن الحب المتعلق بالوطن لا يستدعي الاستعراض بأقوال بلا مذاق، إنه يترتب عليه التزام وسلوك وعمل مستميت لإبقاء راية الوطن عالية. من هنا كان من الأهمية بمكان اختيار من سكن الوطن قلوبهم، ولم يغادرها مهما كان إغراء السلطة أو المال، كي يواجه الأزمة. سينجح أوباما، كونه قرر أن يحب بلاده أكثر من ذاته، لذلك سيكون التاريخ المشرف ملاذاً آمناً لسيرته بالتأكيد.