عقد منتدى التنمية الخليجي، وهو منتدى يهتم بقضايا التنمية في دول الخليج، ويضم في عضويته رجال أعمال ووزراء سابقين وموظفين وأكاديميين... كلهم مهتمون بقضايا التنمية في الخليج. اللقاء السنوي الثلاثيني للتنمية في البحرين، في يومي 12 و13 من فبراير الجاري، خصصت أوراقه هذا العام لمناقشة "الطفرة النفطية الثالثة وانعكاساتها على دول مجلس التعاون"، وقُدمت فيها 7 بحوث تعالج المشكلة من كل أبعادها. الورقة الأولى عالجت الأزمة المالية العالمية وانعكاساتها على النفط. والثانية، اهتمت بالمتغيرات في صناعة الطاقة وانعكاساتها على صناعة النفط. والثالثة تناولت حجم الطفرة النفطية وتأثيرها على دول المنطقة (حالة البحرين). والرابعة عالجت مصادر صندوق الفائض المالي السعودي وأوجه استخدامه. فيما تناولت الورقة الخامسة صناديق الثروة السيادية ودورها في إدارة الفوائض النفطية. وخصصت الورقة السادسة لمعالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للطفرة النفطية على دول الخليج. وأخيراً الورقة السابعة حول إدارة الموارد والإيرادات النفطية (نموذج النرويج). الأوراق كلها غنية بالمعلومات الخاصة بالنفط وأسعاره، لكن العديد منها يتساءل عن أين ذهبت أموال الطفرة التي شهدتها أسواق النفط حديثاً، وهي الطفرة الخامسة من نوعها خلال الخمسة والثلاثين عاماً الماضية. الطفرة الأولى (1973 -1974)، والثانية (1979-1982)، والثالثة (1990-1991)، والرابعة (1999-2000). أما الخامسة وهي التي حدثت في العام الماضي 2008 حيث وصل سعر النفط إلى أكثر من 140 دولارا للبرميل قبل أن تنهار الأسعار إلى 39 دولاراً الآن. كل هذه الطفرات ارتبطت بأزمات سياسية وعسكرية وإقليمية ودولية... لكن الأزمة الأخيرة ارتبطت بالطلب على النفط من آسيا والمضاربات بأسعار السوق من قبل المضاربين والمغامرين. التساؤل الذي طرحه المؤتمرون هو: هل استفادت دول الخليج العربية من كل هذه الطفرات المالية؟ ورغم تأكيد الجميع على أن المعيشة في دول الخليج قد تحسنت كثيراً، وأن دخل الفرد ارتفع وأن مستوى الخدمات قد تحسن، لكن هنالك سلبيات كثيرة أهمها استمرار الاعتماد المفرط على دخل النفط وتباطؤ التنمية وطغيان الاقتصاد الريعي وتراجع التنمية البشرية والإنسانية، وفشل التعليم رغم ارتفاع تكلفته حيث لا يزال مستوى مخرجات التعليم متدنياً جداً، بل وصف بعضهم التنمية في الخليج بأنها تنمية مشوهة، لأننا خلقنا مجتمعات استهلاكية تتفاخر بدرجة الاستهلاك بدلاً من الإنتاج والعطاء. وتساءل المحاورون: هل تملك الإدارة الحكومية في الخليج المقدرة على معالجة الأزمة المالية والاقتصادية خصوصاً وأن اقتصاداتنا باتت مكشوفة بسبب انخفاض أسعار النفط، فالأزمة انعكست علينا سلباً وبسرعة شديدة، والشاهد إفلاس بعض البنوك وشركات الاستثمار وانخفاض أسعار الأسهم وتدني الاستثمار العقاري وإنهاء خدمات الآلاف من العمالة الأجنبية وبعض مواطني دول المجلس. وتساءل البعض: ما هو دورنا كطبقة مثقفة؟ وأشاروا إلى أن دورنا يقتصر على ترشيد القرارات الحكومية وإخراج منطقتنا من آثار الأزمة العالمية علينا. ودار نقاش مطول حول أفضل الطرق للتنمية الآن، هل هي التركيز على التنمية السياسية أولاً، أم التحديث الاقتصادي أولاً بالتركيز على الاقتصاد؟ تجربتا ماليزيا وسنغافورة ناجحتان اقتصادياً، لكن الثمن كان الهوية الأصلية للسكان الأصليين، حيث هيمن المهاجرون الصينيون والهنود في كلا البلدين. وأخيراً نرى بأن منتدى البحرين، مثل غيره من المنتديات الفكرية والأكاديمية، تم التركيز فيه على تشخيص المشكلة، لكن ذلك لا يكفي، بل نحتاج إلى حلول جذرية وهذه الحلول لن تأتي إلا بالحوار والمشاركة الديمقراطية في دولة المؤسسات.