اليوم الرابع عشر من فبراير هو يوم العاشقين، كما يسمى في الغرب، وعند العرب هو يوم الحب. ولكن ما هو الحب الذي يحتفلون به في هذا اليوم. الحب هو من أرقى المشاعر الإنسانية وأسماها، تغنى به شعراء العرب من الجاهلية حتى يومنا هذا. وهتف به سيد الخلق محمد -صلى الله عليه وسلم- عندما قال: "حبّب إليّ من دنياكم الطيب والنساء"، فاذا كان الحب فطرة، فما العيب في أن نحتفل به، ونخصص له يوماً في السنة. للأسف الشديد، فإن الحب فقد عذريته لدى كثير من الشباب اليوم، فتحول من حب راقٍ ورباط قلبي يجمع بين اثنين، إلى فاحشة تنتهك له وبسببه أسمى جذور الكرامة الإنسانية، وتتحول الفتاة النبيلة إلى جثة رخيصة يستمتع بها ذلك الشاب الذي استهان بعفتها بكلمات صفراء، ساخراً منها بعد أن يقضي وطره، وهو يضحك على عقل هذه المسكينة التي صدقت في لحظة ضعف أنثوي أنه فارس أحلامها الذي ستعيش معه بقية العمر مسافرة معه على صهوة فرسه متجملة بالفستان الأبيض الذي لايضاهيه إلا نقاء قلبها؛ لأنه على الفطرة التي ارتكست عند بعض الشباب اليوم. الحب بلاشك أمر مشروع لهدف سامٍ، هو بناء أسرة مستقرة يعيش أفرادها كنف السعادة لأبوين يعشق كل منهما الآخر، الحب خطوة في طريق مساره يبدأ في الأرض وينتهي في السماء في جنة يجمع فيها الله تعالى المؤمن مع من أحب، كما قال رسول هذه الأمة -عليه الصلاة والسلام- وهذا الحب يتطلب من الجنسين وقفات لابد منها: أول حقيقة في الحب، أن الإنسان يعشق الآخر لأسباب كثيرة منها ما هو جسماني، فيحب الطرف الأول الثاني لهيئته وشكله، ومنها حب مرتبط بالطرح العقلاني، ومنه حب لأسباب مادية، فتحب بعض الفتيات الأغنياء من الناس؛ لأنهم يحققون بالمال لهن الكثير. ومن هنا يبدأ دور العقل في الحب، فبعد الشرارة الأولى منه لا بد أن يفكر الإنسان في نهاية هذا المشوار. نعم إنها خطوة مهمة في العلاقة بين الجنسين، وهنا يكون القرار الأصعب في حياة الإنسان، فإذا أحب شخص فتاة من أول نظرة، كما يقال، أو لحديث عابر أو فكر سابر أو مال وافر، فلا بد من التفكر هل هناك من خطوة للأمام، أم أن الأوْلى هو الانسحاب قبل فوات الأوان، فإذا غلب على عقل المرء أن ما بعد هذه الخطوة فشل دائم وعدم وفاق بين الاثنين لأسباب واضحة كالاختلافات الاجتماعية مثلاً أو الفروقات الأخلاقية أو العقدية، في هذه اللحظة بإمكان الإنسان أن يتراجع، ويقول في نفسه، ففي الناس ابدال، والقلب بإمكانه أن ينقلب على من لا يرجى منه الود الصادق، والحياة فيها بدائل كثيرة، ولا يوجد أسوأ من قرار مستعجل في هذا الظرف. قد يقول البعض إن كاتب هذا المقال يريد بنا البعد عن الحب، وفي حقيقة الأمر لست كذلك، وقد يتصور البعض أنني أرجع بالناس إلى العصور المتخلفة، ولكنني كدارس في الولايات المتحدة، أقول لكم إن هذا الأمر أصبح مطلب الجمعيات الأميركية هناك، فالكل يتذكر المسيرة التي قامت بها فتيات أمام الكونجرس الأميركي شارك فيها ما يقارب 200 ألف فتاة رفعن شعاراً متخلقاً عند البعض، حيث هتفن: الحب الحقيقي ينتظر، وفي الغرب ظهرت جمعيات تحت مسمى المرأة الجديدة تحث هذه الجمعيات المرأة على ممارسة دورها الفطري في الزوجية والأمومة، ومن شاء المزيد فعليه بقراءة كتب الألمانية "إيفا هيرمان"، والتي احتل كتابها مبدأ "إيفا" قائمة الكتب الأكثر مبيعاً، وملخص الكتاب دعوة المرأة للعودة للرشد واختيار الأمومة بدل التحرر والفحش، والإخلاص للزوج بدلاً من الفاحشة.