أعتقد أن ثمة حقائق مهمة في وضعنا العربي الحالي، تناولها الدكتور رضوان السيد في مقاله الأخير "التضامن العربي: تحديات الاستقطاب والاستنزاف". ولعل الحقيقة الأساسية في هذا الوضع هي حالة الاستقطاب الحالية غير المسبوقة، والتي جعلت من العالم العربي معسكرين تتعمق تناقضاتهما على نحو متزايد ومتصاعد، وذلك بفعل السياسات التي تزيد من حالة الاستقطاب فيما وراء الحواجز النفسية الناشئة والمتزايدة الارتفاع. وأخطر ما في هذا الاستقطاب العربي الداخلي كونه يضع التناقضات العربية قبل التناقض العربي الإسرائيلي. لذلك يبدو لي أن الاستقطاب العربي الداخلي يستنزف من قدرات العرب وجهودهم ومقومات قوتهم أكثر مما فعل الصراع مع إسرائيل خلال نصف قرن. ولا غرابة والحال هذه أن نجد نمطين من التفكير فيما يتعلق بالقضية العربية المركزية، وقد أظهرتهما حرب غزة الأخيرة؛ تفكير يرفض المنهج التفاوضي الحالي ويراه أسلوباً عقيماً، وتفكير يرفض نهج "المغامرات" العسكرية ويعتبره أصل البلاء. وما ذلك التباين إلا وجه آخر للاستقطاب والاستنزاف. محمد أحمد- القاهرة