انحراف نحو "اليمين" في إسرائيل... و باكستان اختبار لقوة أميركا الذكية الانتخابات الإسرائيلية، وتحول بريطانيا إلى دولة مراقبة ورصد، وسياسة الإدارة الأميركية الجديدة في باكستان، موضوعات نعرض لها ضمن قراءة موجزة في الصحافة البريطانية. "حان الوقت لإنهاء شهر العسل مع أوباما": اختار "نيك كوهين" هذا العنوان لمقالة المنشور في" الأوبزرفر" الأحد الماضي، والذي بدأه بالتذكير بالطلب الذي كان وزير الخزانة الأميركي السابق "هانك بولسون" قد قدمه إلى وزير المالية البريطاني "أليستر دارلنج" لتقديم المشورة والمساعدة إلى أميركا من أجل إنقاذ بنك "ليمان براذرز" من السقوط. ينطلق الكاتب من هذه النقطة ليقول إن سقوط "ليمان براذرز" قد جعل من انتصار أوباما أمرا شبه حتمي، وهو ما أسعد البريطانيين، الذين كانوا يعتقدون أنهم سيكونون أكثر قدرة على التعامل مع "الديمقراطيين" الذين يتبنون نفس المبادئ التي تتبناها الغالبية العظمى من البريطانيين قبل أن يخيب أملهم في ذلك، بعد أن تبين لهم أن الرجل الذين سعدوا جميعا بقدومه إلى البيت الأبيض، والذي احتفت به أجهزة إعلامهم لم يفعل ما كانوا يتوقعونه منه وهو التأكيد على المبادئ الليبرالية وحرية التجارة، وإنما فعل العكس تماماً حيث تساهل مع دعاة العودة إلى السياسات الحمائية، ومع المنادين بتحقيق المصلحة الاقتصادية الأميركية أولا بصرف النظر عن مصلحة الحلفاء على الضفة الأخرى من الأطلسي، بل ودونما حاجة للتشاور معهم. "دولة المراقبة": تحت عنوان "الحكومة تنشئ دولة مراقبة" أكدت "الديلي تلجراف" في افتتاحيتها الأحد الماضي، أن هناك أدلة متزايدة على أن الحكومة البريطانية قد اتخذت العديد من الإجراءات الهادفة إلى التدخل في كافة تفاصيل حياة البريطانيين، ومن آخرها أنها أنشأت قاعدة معلومات تحتوي على تفاصيل كافة سفريات البريطانيين للخارج، وكذلك سجل بكافة المكالمات الهاتفية، والرسائل الإليكترونية، وقاعدة معلومات للهويات الشخصية لجميع المواطنين، وأخرى لبيانات الحمض النووي. والمصيبة كما تقول الصحيفة إن تلك الإجراءات تتم سراً، ودون إخطار المواطنين بها. وأشارت في هذا السياق إلى التقرير الذي أصدره مجلس "اللوردات" البريطاني، والذي قال فيه إن إجراءات المراقبة والتلصص على البريطانيين قد أصبحت متفشية بشكل لا يمكن قبوله، وأن التدخل في حياة المواطنين العاديين بهذا الشكل الفج قد أحدث تغييرات جوهرية على طبيعة ونوعية العلاقة القائمة بين الحكومة وبين مواطنيها، بشكل لم يحدث منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. *"باكستان محك اختبار للقوة الذكية الأميركية": في تحليله بالديلي تلجراف أمس راي"دين نيلسون" أن وصول"ريتشارد هولبروك" مبعوث الرئيس أوباما إلى أفغانستان وباكستان، وقيام بريطانيا بتعيين أحد دبلوماسييها المرموقين وهو السير "شيرارد كوبركول" للقيام بدور مماثل في هذه المنطقة ليس له سوى تفسير واحد، هو أن الدولتين قد فقدتا صبرهما بسبب تباطؤ الحكومة الديمقراطية التي تولت الحكم في باكستان منذ عام، والتي استثمرت الدولتان فيهما الكثير من الدبلوماسية والأمل في التصدي للإرهاب كما وعدت، وتفرغها للاحتجاج على ضربات الطائرات الاميركية من دون طيار على ملاذات الإرهابيين. ويشير الكاتب إلى أن هولبروك سوف يحاول إقناع الحكومة الباكستانية باتباع نهج جديد في التعامل مع مشكلة التطرف والإرهاب على أرضها منها قيام الطائرات الباكستانية -وليس الأميركية - بقصف الملاذات الآمنة التي يؤوي إليها الإرهابيون، وإنشاء قوة نخبة جديدة مدربة بشكل خاص على التعامل مع المسلحين، والأهم من ذلك هو إجراء محادثات سرية مع العناصر القابلة للتفاهم والإقناع سواء من قادة "طالبان"، أو من بين حلفاء أميركا السابقين في أفغانستان مثل رئيس الوزراء السابق "قلب الدين حكمتيار"، لمساعدتها على تغيير الموازين، وعلى سحب الدعم من المسلحين في باكستان التي يعتبرها الكاتب في نهاية مقاله أول محك اختبار لسياسة "القوة الذكية" التي اقترحتها وزيرة الخارجية الجديدة "هيلاري كلينتون". *"انحراف خطر ناحية اليمين": بدأت الجارديان افتتاحيتها المنشورة يوم الثلاثاء أول من أمس تحت هذا العنوان بالقول إن أي شخصية من الشخصيتين السياسيتين الرئيسيتين في الانتخابات الإسرائيلية، وهما بنيامين نتانياهو رئيس حزب "الليكود" ووزيرة الخارجية الحالية تسيبي ليفني رئيسة حزب "كاديما" قد لا تتمكن من تشكيل حكومة بمفردها، مما سيضطرهما إلى التحالف مع الأحزاب الصغيرة لتكوين تلك الحكومة لأن الانتخابات الإسرائيلية تتصف بخاصية تجعلها مختلفة عن معظم الانتخابات التي تجري في أماكن أخرى من العالم، وهي أن المرشح الذي يفوز بأكبر عدد من المقاعد(غالبا ما يكون أقل بكثير من نصف عدد مقاعد الكنيست)، والذي يكلفه الرئيس الإسرائيلي عادة بتشكيل الوزارة قد يخفق في ذلك، في حين ينجح من يليه في الترتيب من خلال التحالف مع الأحزاب الصغيرة، وأنه يمكن على هذه الخلفية اعتبار الأحزاب الصغيرة هي "صانعة الملوك" في إسرائيل، وهو ما ينطبق بشكل خاص هذه المرة على حزب "إسرائيل بيتنا"، الذي يقوده المتطرف "أفجيدور ليبرمان"، والذي كان مجرد حزب هامشي حتى فترة قريبة قبل أن يتم الهجوم على غزة، ويقوم نواب عرب في الكنيست بمهاجمة قرار الحكومة بضرب القطاع، فيبادر ليبرمان لانتهاز هذه الفرصة واتهام هؤلاء النواب بالخيانة، والشروع في بناء حملته الانتخابية على شعار "لا مواطنة من دون ولاء"، بل والذهاب إلى حد مطالبة عرب إسرائيل بأداء قسم الولاء للدولة وإلا حرموا من المواطنة، وهو ما أضفى على حركته قبولاً شعبياً واسعاًـ خصوصاً وسط قطاعات الشباب، وجعل الكثير من المحللين يرشحونه للحصول عدد من المقاعد قد يفوق حزب "العمل" العريق، بما يمكنه من لعب الدور الحاسم في تشكيل حكومة ائتلافية سواء تحت رئاسة ليفني التي يفضلها الأميركيون والأوروبيون والعرب - على اعتبار أنها سياسية بنت شهرتها على المفاوضات مع العرب - على نتانياهو، الذي لا يزال يؤمن بأفكار بالية مثل إقامة إسرائيل الكبرى، والذي سيكون تكليفه بتشكيل الحكومة القادمة بمثابة انحراف خطر نحو "اليمين" قد لا يبشر بخير في الظروف الراهنة. إعداد: سعيد كامل