"اليسار" يهاجم ساركوزي... وخريطة جديدة في إسرائيل المصاعب الاقتصادية تؤجج سجال اليمين واليسار في فرنسا، واستحقاقات استعادتها لعضويتها الكاملة في حلف شمال الأطلسي، وتوقعات بزوغ خريطة سياسية جديدة في إسرائيل. موضوعات ثلاثة تداولتها الصحف الفرنسية. ساركوزي واستياء الشارع: في صحيفة لوموند كتب إيف تريّار مقالاً بعنوان: "ساركوزي يسابق عقارب الساعة"، استعرض فيه مساعي الرئيس الفرنسي لامتصاص الاستياء العام في الشارع وعدم اليقين من فاعلية خططه الاقتصادية للتغلب على تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الفرنسي المترنح أصلاً. ورصد الكاتب بعض مظاهر السجال القائم الآن في فرنسا بين أنصار ساركوزي وخصومه مشيراً إلى استدعاء هؤلاء الأخيرين خاصة لحالة الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما في كل مرة، مؤكدين أن زخم الأزمة وحجمها يستدعيان ثورة في الأفكار والتصورات والوسائل أكثر بكثير مما يتصوره ساكن قصر الأليزيه. وفي المقابل في صحيفة لوفيغارو -اليمينية- كتب إيفان ريوفول مقالاً دفاعياً حول "كيفية الاستجابة لارتباك الفرنسيين" اتهم فيه "اليسار" الفرنسي بالتحريض والتعبئة الإيديولوجية والحزبية ضد جميع مساعي الرئيس لمواجهة التحدي الاقتصادي، تماماً كما يسعى هذا "اليسار" ذاته لتشجيع المزيد من الاضرابات والاحتكاكات الاجتماعية استمراراً للإضراب العام الذي شهده يوم 29 يناير المنصرم. وذهب الكاتب إلى أنه على رغم هشاشة مزاعم هؤلاء إلا أن الصحافة اليسارية "التقدمية" جاهزة سلفاً لضخ المزيد من الزوابع في أشرعة مزاعمهم ومزايداتهم. ولذا عقدت "الجبهة الصحفية" الممثلة لصحافة "اليسار" اجتماعاً أول من أمس الجمعة (شاركت فيه صحف ومجلات ليبراسيون، ولونوفل أوبسرفاتور، وماريان، وشارلي إيبدو... الخ)، بذريعة الاستعداد والتنسيق للدفاع عن حرية التعبير والتعددية، ليكشف إعلام اليسار الفرنسي مرة أخرى مدى الحالة الهستيرية التي تنتابه في تهجمه على ساركوزي، ومدى عمى هذا الإعلام عن رؤية تهافت رؤى اليسار الإيديولوجية ابتداءً بتبنيه للطرح الاشتراكي وانتهاء بتبنيه -وهو يزعم مواجهة "التراجع الديمقراطي"- لبرنامج "اليسار" المتطرف: من حنين للشيوعية وتبشير بتوليتارية جديدة... الخ. ولذا، يقول ريوفول، يستثمر أنصار الحزب الاشتراكي، واليسار الشيوعي المتطرف، أي ارتباك أو هواجس اجتماعية اقتصادية في الشارع الفرنسي لتحميل ساركوزي مسؤولية زلزال الأزمة المالية العالمية، وللنفخ في الادعاءات بأن الاقتصاد الفرنسي سينهار على الطريقة الأرجنتينية، كيفما اتفق. وينتهي الكاتب إلى أن ما يسعى إليه اليسار الفرنسي حقاً هو استثمار الاستياء الحالي لأغراض سياسية، فما أسهل إقناع الناس في فترات المصاعب الاقتصادية بالتظاهر تحت أية يافطة، ولأي مطلب. غير أن ساركوزي الذي ظهر على الشاشات هذا الأسبوع وكأنه يسعى لاحتواء النقمة التي يسعى اليسار لتوليدها وتضخيمها ضده، عليه ألا يسعى لكسب ود جمهور اليسار الناخب على نحو يخسر معه دعم جمهور اليمين الذي أوصله إلى الرئاسة أصلاً. إن الأزمة دولية وليست فقط فرنسية، تماماً كما أن "العولمة السعيدة" باتت خلف ظهورنا الآن، وقد حانت لحظة العولمة الحمائية. وأخيراً في افتتاحية كتبها باتريك لوياريك لصحيفة لومانيتيه وصف كل خطط ساركوزي المالية والاقتصادية بالفشل، مؤكداً أن سبب المشكلة في منشئها هو النظام الاقتصادي الرأسمالي نفسه، في مبائه وممارساته، ولابد من الاعتراف بهذه الحقيقة. فرنسا وحلف شمال الأطلسي: تحت هذا العنوان كتب بيير روسلين افتتاحية في صحيفة لوفيغارو ذهب فيها إلى أن فرنسا عائدة الآن بقوة لشغل عضوية كاملة في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، مع ما سيترتب على ذلك من استحقاقات وتحولات سياسية واستراتيجية في فرنسا، وفي بنية الحلف أيضاً. ولذا فقد وفى ساركوزي بالوعد الذي قطعه على نفسه في أول خطاب له عن السياسة الخارجية حين أكد نيته استعادة العضوية الأطلسية الكاملة لبلاده، ملتزماً بالوفاء بكل ما يترتب على ذلك من التزامات. ومن حسن الحظ، يقول روسلين، إن المعطيات السياسية الجديدة في واشنطن تجعل هذه العودة الفرنسية تتم في وقت مشجع للغاية. فوجود رئيس مثل باراك أوباما في البيت الأبيض من شأنه أن يجعل تقوية دور فرنسا في "الناتو" طريقة فعالة لدعم دورها في تسيير شؤون العالم. وإذا كان الجنرال ديغول قد قلص عضوية فرنسا في "الناتو" سنة 1966 بحجة إبقاء خيارات البلاد الدفاعية والسياسية مستقلة بعيداً عن تأثيرات واستقطابات الحرب الباردة حينها، إلا أن انتهاء الحرب الباردة وتغير جميع تلك المعطيات الاستراتيجية جعلا استمرار ذلك "الاستثناء الفرنسي" غير ذي جدوى، هذا إن لم يكن أصلاً جلب من المضار أكثر مما جلب من المنافع السياسية. ولاشك أن العلاقات الأطلسية اليوم مختلفة تماماً عنها قبل 43 عاماً عندما اتخذ ديغول ذلك القرار الشهير. ففرنسا تشارك اليوم بقوة في جميع عمليات "الناتو"، ولذا فلم يعد ثمة مبرر لغيابها عن قيادة حلف هي منخرطة عملياً في جميع التزاماته، وليس معنى استعادة العضوية الأطلسية الكاملة أن فرنسا ستتخلى بالضرورة عن خصوصياتها وخياراتها. وحتى لو أدت عودتها للعضوية الكاملة إلى إثارة نوع من الحساسية لدى بعض شركائها الأوروبيين الذين سيزاحم الجنرالات الفرنسيون قادتهم العسكريين على قيادة عمليات الحلف، إلا أن من شأنها تقوية موقف المحور الفرنسي- الألماني في "الناتو" بحيث تستطيع باريس وبرلين العمل سوياً للتأثير في اتجاهاته. وتزداد أهمية توحيد الصف الأوروبي في الشراكة الأطلسية أكثر إذا عرفنا أن إدارة أوباما ما زالت في مرحلة تحديد توجهات سياساتها وتوجهاتها الدبلوماسية. ولذا فإن المحرك الأوروبي الذي تلعب فيه باريس وبرلين دور القرص الصلب لابد أن يكون في موقف قوة وانسجام في مواجهة الحليف الأطلسي الأكبر، وأيضاً للدفع بشراكة أطلسية هي في أحوج ما تكون اليوم للمزيد من التعزيز والتجديد. خريطة سياسية جديدة في إسرائيل: صحيفة لوموند ضمن تغطيتها للحملة الانتخابية الإسرائيلية الدائرة الآن والتي تنتهي غداً بحلول موعد الانتخابات، اعتمدت على المؤشرات التي أفرزتها آخر استطلاعات الرأي الإسرائيلية لترجح ظهور خريطة سياسية جديدة في الدولة العبرية. فقد أظهر استطلاع للقناة العاشرة الإسرائيلية نشرت نتائجه أول من أمس (الجمعة) تقدم حزب "الليكود" اليميني بزعامة نتانياهو على منافسيه بتحقيقه 27 مقعداً من مجموع 120 فيما حصل منافسه حزب الوسط "كاديما" بزعامة ليفني على 25 وحصل الحزب اليميني المتطرف "إسرائيل بيتنا" بزعامة ليبرمان على 19 في حين لم يحصل حزب "العمل" بزعامة باراك إلا على 14 مقعداً فيما يعد أسوأ نتيجة له تاريخياً في استطلاعات الرأي. ورجحت لوموند أن ما سينتهي إليه الاستحقاق هو تشكيل نتانياهو ائتلافاً حكومياً سيسعى بكل الوسائل إلى إشراك كل من "الليكود" و"كاديما" فيه وفق صيغة "حكومة وحدة وطنية" حتى لا يقع تحت رحمة أحزاب اليمين المتطرف بحيث تفرض عليه أجنداتها. هذا مع أن وزيرة الخارجية ليفني ما زالت تمنى نفسها بأن تحدث مفاجأة في آخر لحظة بتمكنها من استمالة الناخبين المترددين، وأيضاً قطاعات كبيرة من ناخبي "الليكود" التقليديين ممن ما زالوا في حالة تردد قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع. إعداد: حسن ولد المختار