حرب غزة فاشلة... وإسرائيل تراجع علاقاتها مع تركيا تشابه الأجندات السياسية في الساحة الإسرائيلية، وتطورات العلاقة بين أنقرة وتل أبيب، وتفاصيل محادثات تثبيت الهدنة، وفشل حرب غزة... قضايا نعرضها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. "النسخ الثلاث": عنوان استهلت به صحيفة "هآرتس" افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء محيلة إلى التشابه التام بين مرشحي الانتخابات الإسرائيلية المقبلة وغياب أي اختلاف ملموس بين أجنداتهم السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلًا عن انتفاء التمايز بين مقاربتهم للقضايا والانشغالات التي تهم الناخب الإسرائيلي. فمع أنه على المستوى النظري يتنافس على الساحة السياسية ثلاثة مرشحين يتوزعون على أحزاب سياسية مختلفة بين تسيبي ليفني التي ترأس حزب "كاديما" وإيهود باراك زعيم حزب "العمل"، وأخيراً بنيامين نتانياهو زعيم "الليكود"، إلا أنهم من الناحية العملية، تقول الصحيفة، يتشابهون في أجنداتهم إلى حد التماهي. فنتانياهو يحث الناخبين على التصويت لصالح حزبه "لأن البلد يحتاج إلى من يحكمه"، وليفني من ناحيتها تقول إنها ولدت مقاتلة، وبأن البلد مهم بالنسبة لها، أما باراك فيجادل بأن سجله يتحدث عن نفسه ويتعهد بحكم جيد، وبالطبع يحذر نتانياهو من تقسيم القدس، فيما يؤكد باراك وليفني أنهما لن يفعلا ذلك. والأمر أيضاً لا يختلف في القضايا الأمنية إذ في الوقت الذي تسعى فيه ليفني وباراك إلى تعظيم مكاسبهما من حرب غزة، متعهدين بالرد القاسي على "حماس" إذا هي استمرت في إطلاق الصواريخ، يُزايد نتانياهو عليها ويطالب هو أيضاً برد قوي وعنيف. وتنتقل الصحيفة إلى المجال الاقتصادي لتخلص إلى النتيجة نفسها، وتلمس التشابه ذاته في الأجندات بعدما اختفى الفرق بين "اليسار" و"اليمين" والوسط في ظل دعم الكل لاقتصاد السوق وترويج الجميع في برنامجه الاقتصادي لخفض الضرائب، وهو ما يقضي في نظر الصحيفة على أي بديل حقيقي على الساحة السياسية بسبب غياب مواقف واضحة للأحزاب التي سينتهي بها المطاف إلى التحالف مع ذات الأحزاب الدينية المتطرفة. "تركيا والعلاقة مع إسرائيل": خصصت "جيروزاليم بوست" افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي للحديث عن العلاقات التركية- الإسرائيلية في ضوء التجاذبات التي حصلت بين البلدين بعد عملية غزة العسكرية التي خلفت أكثر من 1300 قتيل و5000 آلاف جريح، هذا التململ كما تصفه الصحيفة وصل ذروته في مؤتمر دافوس الأخير عندما احتد رئيس الحكومة التركية على الرئيس الإسرائيلي وخرج الأول غاضباً من المنتدى، وقبله انتقاداته الواضحة لإسرائيل على قتلها الفلسطينيين. الصحيفة تشير أيضاً إلى بعض المصاعب التي تعاني منها الأقلية اليهودية في تركيا، والتي يبلغ عددها 25 ألف شخص وتراجع عدد السياح الإسرائيليين في تركيا بعدما وصل عددهم في السنوات السابقة إلى نصف مليون سائح. لكن تركيا التي ترى الصحيفة أنها بدأت تتجه نحو إيران بعدما تراجع الجيش عن لعب دوره التقليدي في حماية المبادئ العلمانية التي قامت عليها الدولة الحديثة، ليست موحدة كلها في موقفها الأخير من إسرائيل، وأنه رغم انطلاء الخطاب الديماغوجي على فئات واسعة من المجتمع تبقى شرائح مهمة متشككة في التوجة الحكومي المناوئ لإسرائيل. وتذكر الصحيفة في هذا الإطار بعمق المصالح التي تربط بين البلدين، حيث يصل حجم التبادل التجاري إلى ستة مليارات دولار، فضلًا عن التعاون العسكري المتين، مفسرة العلاقات التركية- الإيرانية التي تحرص أنقرة على الحفاظ عليها بالحاجة التركية لتأمين حاجياتها من النفط والغاز الطبيعي من جارتها القريبة، ناهيك عن اعتبارات داخلية تحركها الانتخابات البلدية المقبلة وتأثيرها على موقف الحزب الإسلامي الحاكم. "محادثات وقف إطلاق النار في غزة": تناولت "جيروزاليم بوست" في افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي مسألة تثبيت وقف إطلاق النار الذي تسعى مصر حالياً إلى التوصل إليه في القاهرة من خلال التوسط بين إسرائيل ووفد "حماس"، محذرة في الوقت نفسه من عقد اتفاق مع "حماس" يأتي لغير صالح إسرائيل كتعزيز سلطة الحكومة المقالة في قطاع غزة وبقاء "جلعاد شاليط" في الأسر وفتح معبر رفح دون رقيب والسماح مجدداً بتهريب الأسلحة عبر معبر فيلادلفي. وفي هذا السياق تحذر الصحيفة من الرجوع إلى الوضع السابق قبل العملية العسكرية وإعطاء الفرصة لحركة "حماس" لحشد قوتها ومراكمة الأسلحة لمواجهة إسرائيل، لا سيما في ظل النتائج غير الواضحة للحرب واستمرار الهيكل التنظيمي للحركة دون مس لقواعده الأساسية إلى درجة دفعت البعض إلى إثارة نقاش في إسرائيل يتساءل عما إذا كانت الحكومة قد تعجلت في إيقاف الحرب قبل القضاء نهائياً على "حماس" وتصفية كوادرها. وهنا تتساءل الصحيفة من جانبها عن نوع الهدنة التي يمكن أن تقبل بها إسرائيل، رافضة تمديدها بنفس الشروط السابقة التي تطالب بفتح جميع المعابر مشددة في المقابل على أن أي اتفاق تقبله إسرائيل يتعين أن يراعي مجموعة من الإجراءات من أهمها إقامة منطقة عازلة بين إسرائيل وغزة، وتوفير آليات المراقبة لنقاط العبور بين مصر وغزة؛ هذه الإجراءات، لا سيما فيما يتعلق بمراقبة المعابر ترى الصحيفة أنها بدأت بالفعل في الظهور على أرض الواقع بعد قيام السلطات المصرية بتفجير العديد من الأنفاق على جانبها من الحدود وتركيبها لكامرات المراقبة وأجهزة الاستشعار بمساعدة مهندسين أميركيين. "الفشل في غزة": كتب العقيد في جيش الاحتياط الإسرائيلي والخبير في الشؤون العسكرية "يهودا ويجمان" مقالا يوم الإثنين الماضي في "يديعوت أحرونوت" يصف فيه حرب غزة بالفاشلة لأنها أخفقت في تحقيق أهدافها الاستراتيجية المتمثلة في سحق العدو وإخراجه تماماً من قطاع غزة في صورة مشابهة لتلك التي حققها الجيش الإسرائيلي في لبنان عندما أرغم مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية على الخروج من بيروت والتوجه إلى تونس. فرغم استفادة الجبش كما يقول الكاتب من حرب لبنان على المستوى التكتكي، إلا أنه فشل على المستوى الاستراتيجي في تحقيق الأهداف المسطرة لتخرج "حماس" بعد المعارك معلنة النصر. والعيب في نظر الكاتب هو عدم إكمال المهمة العسكرية ووقفها قبل الوقت المناسب، بحيث بدا وكأن الهدف النهائي هو استعراض قوة الردع الإسرائيلية، والحال أن الردع لا يتحقق إلا على أرض المعركة وبخلق صورة واضحة تظهر اندحار العدو. وفي هذا الإطار أيضاً ينتقد الكاتب امتناع الجيش الإسرائيلي عن الزج بالجنود في أتون المعارك الأرضية خوفاً من التداعيات السياسية، بينما النصر لا يتحقق إلا بالاشتباك في الميدان حتى لو أدى ذلك إلى سقوط ضحايا في صفوف الجيش لأن تلك ضريبة لا يمكن الهروب منها عند شن الحروب. إعداد: زهير الكساب