العملية الإرهابية الدموية في الهند هي سلسلة من الهجمات المتعمدة ضد الدولة الديمقراطية المستقرة، والهدف منها تقويض النظام الديمقراطي المستقر في الهند الذي حقق إنجازات ومعجزات اقتصادية في السنوات الأخيرة. ما يثير مخاوفنا هو أن الإرهابيين لا يزالون يتكاثرون ويتناسلون وينتشرون في كل بقاع المعمورة، وأن أفكارهم التكفيرية الشيطانية لا تعرف حدوداً من دين أو أخلاق أو منطق أو إنسانية. هذا المخطط الإرهابي يدل على أن هذه الجماعات (مجاهدو ديكان) لا هدف وطنياً أو عقائدياً وراء نشاطها، وأن مهمتهم الوحيدة هي تدمير المجتمع الهندي المسالم والمتسامح ومنع التطور والازدهار الاقتصادي في الهند. لذلك ركز الإرهابيون على اختطاف وقتل السياح الأجانب وترويع المواطنين الهنود الآمنين وهم يؤدون صلواتهم... فقد هاجم الإرهابيون معبداً يهودياً وأخذوا العديد من الرهائن الأبرياء. ما نتخوف منه هو وجود تحالف يتعدى الحدود بين الجماعات الجهادية في كل من أفغانستان وباكستان والجزيرة العربية وشمال أفريقيا، فالإرهابيون أصبحوا اليوم يتنقلون بكل حرية من بلد إلى آخر. إن ما يثير القلق بخصوص الإرهاب في الهند، البلد الديمقراطي المسالم، هو أنه عبَر الحدود قادماً من البلدان المجاورة، كما أكد رئيس وزراء الهند "مانموهان سنغ"، موضحاً أن الهجمات تميزت بالتخطيط والتنسيق الجيدين، ومتعهداً بإيقاع أشد العقاب على المشاركين في هذه الهجمات، كما قال إن منفذي العملية هم أجانب غير أنه لم يحدد جنسياتهم. العملية الإرهابية في الهند تؤكد أن الحرب على الإرهاب ستكون حرباً ضروساً مستمرة، ويجب أن تتواصل دون هوادة أو مهادنة. هنالك الكثير من الأمور المبهمة التي تحتاج إلى إجابة من الحكومة الهندية، منها أين تلقى الإرهابيون تدريبهم؟ وما هي الدول التي دربتهم وسلحتهم ومولت عملياتهم؟ وأين المدارس الفكرية التي خرجت هؤلاء المتطرفين من المجرمين؟ لقد كان الرئيس الأميركي جورج بوش صادقاً عندما أكد بأن الحرب ضد الإرهاب طويلة وممتدة وشاقة ومكلفة، وتتطلب مجهود كل دول العالم لمكافحته، وهذا يتطلب ليس فقط مجهوداً أمنياً وتبادل معلومات أمنية، بل يتطلب الأمر تجفيف جذور الإرهاب الثقافية والسعي لمعرفة ممولي الإرهاب وكيفية تمويلهم والحصول على الأموال الطائلة. فالحرب ضد الإرهاب ستكون طويلة وشاقة ومكلفة جداً لأن أبعادها دينية وثقافية أكثر منها أمنية... وما جرى في الحملة الدولية على الإرهاب حتى الآن هو ملاحقة الإرهابيين إذ لم تنجح دول العالم حتى الآن في اجتثاث جذوره ومسبباته. أحداث الهند وقبلها باكستان والسعودية ومصر والجزائر والمغرب والكويت، لم تعد ظاهرة بل أصبحت حقيقة وواقعاً ينتشر في كل بقاع المعمورة، ليؤكد من جديد فشل كل المحاولات السابقة لاجتثاث جذور الإرهاب. مطلوب من الحكومة الهندية التعاون مع المجتمع الدولي خصوصاً الدول المتقدمة وعلى رأسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، لوضع استراتيجية دولية طويلة المدى.. لمعرفة المحرضين والمحركين والممولين لهذه الجماعات الإرهابية، ما هي المناطق التي قدموا منها؟ وما هي مصادر ثقافتهم وفتاويهم؟ ومن الذي يحركهم ويقنعهم بأن يخربوا بلدانهم الآمنة؟