الإرهاب يهدد العلمانية الهندية... ومخاطر "ملء الفراغ" في أميركا اللاتينية --------- أصداء الهجمات الإرهابية على مومباي، والرسالة التي تحملها جولة ميدفيدف في أميركا اللاتينية، وبوادر براجماتية أوباما في مواجهة الأزمة الاقتصادية، والأبعاد التي تحملها خطة الرئيس الأميركي المنتخب لحماية البيئة... موضوعات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. ---------- "دماء في مومباي": اختار "ديليب بيدجانكار"، هذه العبارة عنواناً لمقاله المنشور يوم أمس في "واشنطن بوست"، معلقاً على الهجمات الإرهابية التي طالت مدينة مومباي الهندية. وحسب الكاتب -وهو محرر سابق في جريدة "تايمز أوف إنديا"- فإن الهجمات الإرهابية قد عكرت خلال العام الماضي صفو السلام في ست مدن هندية، لكن الهجوم الذي طال مومباي مساء الأربعاء الماضي يعد الأكثر تهديداً للعلمانية والديمقراطية الهندية. استهداف مومباي العاصمة التجارية والمالية للهند وأكثر مدنها "كوزموبولوتانية"، وبالأخص فندقي "تاج" و"تريدنت"، حيث يتواجد الأغنياء والمتنفذون لتسيير أعمالهم، يعكس حقيقة مفادها أن الإرهابيين، استهدفوا مناطق على درجة كبيرة من الرمزية في أمة صاعدة. توقيت الهجمات يأتي قبيل الانتخابات المحلية في خمس ولايات هندية، علماً بأن الحملات الانتخابية اتسمت بدرجة عالية من الاستقطاب حول العلمانية التي يتبناها حزب "المؤتمر" الحاكم، وذلك في مقابل الرؤى الهندوسية التي يتبناها حزب "بهاراتيا جناتا". في الماضي كان هذا الأخير يلقي باللائمة على حزب "المؤتمر" بسبب تهاونه في التعامل مع الإرهابيين بقصد استمالة أصوات المسلمين، وفي المقابل عادة ما يوجه حزب "المؤتمر" اتهامات لـ"بهاراتيا جناتا" بتحييد أصوات المسلمين بغرض الحصول على موقف هندوسي متماسك، وهو سلوك يتم خلاله استغلال المشاعر الدينية لجني مكاسب سياسية. وحسب الكاتب، فإن هذه الديماغوجية لها تداعيات كارثية، حيث تجرى اعتقالات عشوائية ويحرم المشتبه بهم من حقوقهم القانونية، وثمة ادعاءات بممارسة الشرطة للتعذيب، وقليلة هي التقارير والتحقيقات الخاصة بالعنف الديني التي تعرض على العامة أو يتم فتح نقاش حولها، وغالباً ما يتم تجاهل التوصيات الواردة في هذه التقارير، أو تطبيق بعضها بطريقة انتقائية، وفي بعض القضايا يُعاقب المسلمون بينما يترك الهندوس بلا عقاب. والنتيجة- يقول الكاتب- إن مسلمي الهند بدأوا يفقدون إيمانهم بالدولة الهندية ومؤسساتها، مما أدى إلى نزوع الشباب المسلم نحو الراديكالية. التطرف الديني دفع هؤلاء إلى طريق العنف، وثمة أدلة حول انضواء بعضهم في حركات جهادية عالمية لها علاقة بتنظيمات إرهابية في بنجلاديش وباكستان، وهناك اعتقاد سائد بتواطؤ هذه التنظيمات مع استخبارات هذين البلدين. وإذا كان الكاتب يصر على مواجهة الإرهابيين مسلمين كانوا أم هندوساً، فإنه يطرح تساؤلات حول هجمات مومباي، منها: من هم هؤلاء الإرهابيون؟ ولماذا فشلت الاستخبارات الهندية في منعهم من ارتكاب هذه الجريمة؟ حتى الآن لم تسفر الهجمات عن صدام بين المسلمين والهندوس في مناطق أخرى من الهند، كما أن كلا الطرفين أدانها دون توجيه اللوم لأحد. "تحذير للولايات المتحدة": في افتتاحيتها ليوم الأربعاء الماضي، وتحت عنوان "مصالح الروس في أميركا اللاتينية تنطوي على تحذيز للولايات المتحدة"، رأت "لوس أنجلوس تايمز" أن جولة الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف في أربعة بلدان من أميركا اللاتينية، والتي بدأت السبت الماضي وانتهت الخميس الماضي في كوبا، موجهة أصلاً للولايات المتحدة. روسيا أجرت مناورات مع فنزويلا، وهي المرة الأولى منذ نهاية الحرب الباردة، التي تجري فيها البحرية الروسية مناورات في البحر الكاريبي. وعلى هامش الجولة الروسية، أعلن شافيز الرجل الذي بنى تاريخه السياسي على معاداة أميركا عن صفقات سلاح مع روسيا ومشروعات مشتركة في مجال الطاقة، خاصة في مجال بناء مفاعلات نووية في فنزويلا. وحسب الصحيفة، فإن "ميدفيدف" حاول بتوجهه إلى كوبا إحياء شبح أزمة الصواريخ الكوبية، لكن الهدف من الزيارة هو استعادة العلاقات الاقتصادية بين البلدين التي تضررت كثيراً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي. لكن البحرية الروسية لا تهدد الولايات المتحدة بقدر تهديدها للبحارة الروس أنفسهم بسبب الحوادث التي تقع بين الفينة والأخرى في الغواصات الروسية، كما أن روسيا ليست البلد الوحيد الذي يوسع نفوذه في أميركا اللاتينية، فهناك الصين، التي زار رئيسها المنطقة ذاتها، وخلال العام الماضي، وصل حجم تجارة بلاده معها إلى 103 مليارات دولار. الصحيفة أشارت إلى تلميحات الرئيس الأميركي المنتخب بتخفيف الحظر التجاري على كوبا، لكنه لا يزال متشككاً في اتفاقية التجارة الحرة بين بلاده وكولومبيا، وفي منطقة التجارة الحرة في أميركا الشمالية، لكن إذا لم تعزز واشنطن علاقتها التجارية مع جيرانها الجنوبيين، فإن الروس والصينيين سيكونون سعداء بملء الفراغ في أميركا اللاتينية. "أنقذوا الاقتصاد والكوكب": هكذا عنونت "نيويورك تايمز" افتتاحيتها يوم الخميس الماضي، مشيرة إلى أن وزراء البيئة يجهزون للمحادثات التي سيجرونها الأسبوع المقبل حول الاحتباس الحراري، وذلك في "بوزان" البولندية. ومن الواضح أنه من باريس إلى بكين توجد عبارة واحدة مفادها "لا يوجد وقت لطرح خطط طموح تضع حداً للاحتباس الحراري، لأنه لا يمكن التعامل مع الأزمة المالية، وفي الوقت نفسه الحد من الانبعاثات الملوثة للبيئة". لكن يبدو أن لدى الولايات المتحدة رسالة مغايرة تماماً، فباراك أوباما، يرى أن هذه اللحظة هي الأفضل للاستثمار بكثافة في تقنيات الطاقة النظيفة، وهذا الاستثمار سيكبح جماح الاحتباس الحراري وسيحد أيضاً من الاعتماد على النفط المستورد وسيساعد في الوقت ذاته على إنعاش الاقتصاد الأميركي. الصحيفة وصفت منطق أوباما بأنه أشبه بسياسة للمناخ تحتوي بداخلها على سياسة طاقة بداخلها سياسة اقتصادية... وهو ما تراه الصحيفة تحولاً راديكالياً من سياسة الإنكار في قضايا البيئة التي انتهجها جورج بوش طوال السنوات الثماني الماضية. وقبل شهرين من توليه السلطة في البيت الأبيض، ها هو، أوباما يؤكد وعوده الخاصة بالمناخ، من بينها تخفيض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 80% بحلول 2050، وإنفاق 15مليار دولار سنوياً على "الاقتصاد النظيف" القائم على كلفة وقود أقل وآلاف الوظائف "الخضراء"، وهذا يتضمن الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. "فطنة أوباما الاقتصادية": خصصت "كريستيان ساينس مونيتور" افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي لتسليط الضوء على طريقة تعامل الرئيس الأميركي المنتخب مع الأزمة الاقتصادية... وحسب الصحيفة، فإن أوباما يجب أن يتعامل مع الأزمة مثلما تعامل "بيترايوس" مع المشهد العراقي، أي وفق منطق "خوض الحرب أينما وجدت، لا الحرب التي يفضل المرء خوضها". ومنذ انتخابه في الرابع من نوفمبر وإلى الآن، أثبت أوباما أنه برجماتي فطن، خاصة أن معدلات البطالة وصلت إلى حدود هي الأقل منذ 16عاماً، الرئيس المنتخب، بدلاً من أن يختار فريقه الأمني، اختار فريقه الاقتصادي أولاً، كي يطمئن الأميركيين بأنه سيكون بحلول 20 يناير المقبل قادراً على التعامل مع الأسواق التي لا تحتمل أي فراغ في القيادة. الصحيفة أثنت على اختيار "تيم جيثنر" كوزير للخزانة، و"كريستينا رومر" كرئيس لمجلس المستشارين الاقتصاديين، علماً بأن "جثنر" كان لاعباً أساسياً في سياسات الإنقاذ التي وضعها وزير الخزانة الحالي هنري بولسون ورئيس الاحتياطي الفيدرالي بين بيرناكي. "رومر" أجرت دراسات في جامعة كاليفورنيا تحذر من خطر رفع الضرائب في وقت الكساد. وترى الصحيفة أن قرار أوباما الخاص بتشكيل فريقه الاقتصادي يشي بأن الرئيس الجديد يغلب الكفاءة على الأيديولوجيا. إعداد: طه حسيب