خيار ميليباند مع إيران... ومطلوب استراتيجية دفاعية جديدة -------- موقف وزير الخارجية البريطاني تجاه إيران، وفرصة أوباما لإنعاش عملية السلام، وإعلانات السلطة الفلسطينية في الصحف الإسرائيلية، ثم صياغة عقيدة دفاعية جديدة للدولة العبرية... قضايا نعرضها ضمن جولتنا الأسبوعية في الصحافة الإسرائيلية. --------- "خيار ديفيد ميليباند" تطرقت "جيروزاليم بوست" في افتتاحيتها ليوم الإثنين الماضي إلى الموقف، الذي أعلنه وزير الخارجية البريطاني "ديفيد ميليباند" تجاه البرنامج النووي الإيراني، فرغم تأكيد وزير الخارجية البريطاني على أن إيران تشكل التهديد الفوري الذي يحيق بالمنطقة ويمس استقرارها، فإن الصحيفة تعيب عليه شطبه لخيار تغيير النظام، أو اللجوء إلى القوة في حال فشل المبادرات الغربية. فحسب الصحيفة لا يحتاج العرب إلى إثبات إضافي للمساعي الإيرانية في المنطقة وتطلعاتها للهيمنة بعد اكتساب السلاح النووي، الذي لن يوجه فقط نحو إسرائيل والغرب، بل سيكون أداة لابتزاز دول المنطقة والسيطرة عليها. لكن هذه الحقيقة تقول الصحيفة لم تمنع الدول الخليجية من ربط علاقات اقتصادية متشابكة مع جارتها إيران، وهو ما يجعلها أقرب إلى المواقف الأوروبية التي لا تكف عن دعوة الجمهورية الإسلامية إلى وقف برنامجها الدولي والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية دون وقف علاقاتها التجارية معها. وتتأسف الصحيفة أن خطاب ميليباند كان الهدف منه حشد التأييد للضغط على إيران لكنه خلف آثاراً عكسية، لأنه كما قال حرفياً "إن الضغط الذي نمارسه على إيران، والعقوبات المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة لا تسعى إلى تغيير النظام"، مضيفا "كما أن تلك الإجراءات ليست دليلاً على عمليات عسكرية قادمة، بل نحن ملتزمون مائة في المائة بالحل الدبلوماسي للنزاع". هذا التأكيد على النهج الدبلوماسي يخيف أكثر مما يطمئن، تقول الصحيفة، ليس فقط بالنسبة لإسرائيل التي تريد أن تتخلى إيران عن برنامجها النووي، بل حتى بالنسبة لدول الخليج التي ربما تستشعر اتفاقاً في الأفق بين الغرب وإيران بعد استبعاد الخيار العسكري. "فرصة أوباما" بهذا العنوان استهلت صحيفة "هآرتس" افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء متناولة الأعباء التي سيواجهها الرئيس الأميركي المنتخب، باراك أوباما، لا سيما في مجال العلاقات الخارجية، وتحديداً في عملية السلام التي تتطلب جهدًا خاصاً واهتماماً فريداً للنهوض بحمله الثقيل وتحقيق اختراقات تميز الإدارة الجديدة عن سابقاتها. ولتحقيق ذلك تدعو الصحيفة أوباما إلى الاستفادة من أخطاء الماضي والبدء مبكرًا بقضية السلام، فبعد اختيار أعضاء إدارته ومثولهم أمام الكونجرس في جلسات استماع للموافقة عليهم، ثم بعد تحديد أجندة الإدارة وأولياتها في المرحلة المقبلة التي ستنصب أساساً على الأزمة الاقتصادية وتداعياتها على الشارع الأميركي، سيكون لزاماً على أوباما تحديد موقفه من الصراع والتعجيل بإيفاد مبعوثه الخاص للمنطقة. لكن حتى لا يضيع الجهد في مماطلة الأطراف المعنية بسبب تعنت أطراف الصراع وتشبثها بمواقفها المسبقة، يتعين على أوباما التحرك على الميدان من خلال وضع خطة واضحة لتحقيق السلام ثم وضع الجانبين الإسرائيلي والفلسيطيني أمام مسؤولياتهما لإحلال السلام. وفي هذا الإطار تشير الصحيفة إلى المقال الأخير الذي نشره مستشارا الأمن السابقان برينت سكوكروفت وزبيجنيو بريجينسكي وصاغا فيه خطة واضحة لإنهاء الصراع ترى الصحيفة أنها صالحة لبناء عملية سلام جدية تقوم على حدود 1967 مع إجراء التعديلات المتفق عليها بين الطرفين، واعتبار القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية وإسقاط حق رجوع اللاجئين الفلسطينيين إلى داخل إسرائيل مع تخصيص تعويضات مناسبة لهم. "نعم للسلام" في افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي قارنت "جيروزاليم بوست" بين الشريط التلفزيوني الذي بثه القيادي في تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري ويتهجم فيه على الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما معتبراً أنه من "عبيد البيت" في محاولة يائسة منه لتنفير المسلمين السود من أوباما، وبين الإعلانات السياسية المدفوعة التي نشرتها السلطة الفلسطينية في بعض الصحف الإسرائيلية، بما فيها "جيروزاليم بوست" نفسها. فإذا كان خطاب الظواهري يعيد فقط تكرار اللغة القديمة التي تتوعد الغرب وتطالبه بسحب قواته من العراق وأفغانستان والتوقف عن قصف المناطق القبلية على الحدود مع باكستان، فإن اللجوء إلى الإعلانات السياسية من قبل السلطة الفلسطينية لشرح مباردة السلام العربية سابقة هي الأولى من نوعها. وبينما رحبت الصحيفة بما تحمله المبادرة العربية من مضامين السلام واستعداد 57 دولة إسلامية وعربية لإقامة علاقات كاملة مع إسرائيل، إلا أنها انتقدت التفاصيل، وتحديداً حق عودة اللاجئين. فحسب الصحيفة تعتمد الخطة العربية للسلام على القرار الأممي 194 المتقادم، على حد قولها، الذي ينص على عودة اللاجئين دون الأخذ بعين الاعتبار التغيرات على أرض الواقع، أو الفرق بين 700 ألف لاجئ في عام 1948 وعددهم اليوم الذي يتجاوز الأربعة ملايين نسمة. وتنتقد الصحيفة أيضاً مبادرة السلام العربية لتجاهلها رسالة بوش التي وجهها لأرييل شارون ويتعهد فيها باحتفاظ إسرائيل بالكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، فضلا عن إغفال المبادرة لحق الشعب اليهودي في إقامة وطن قومي ضمن حدود معترف بها. "من أجل عقيدة دفاعية جديدة" نشر المعلق والصحفي الإسرائيلي "جاي بيشور" مقالًا يوم الخميس الماضي بصحيفة "يديعوت أحرنوت"، يدعو فيه القيادات الإسرائيلية إلى إعادة تقييم العقيدة العسكرية وصياغتها على ضوء المتغيرات الجارية على أرض الواقع. فبين الأمس واليوم جرت مياه كثيرة تحت الجسر وحصلت العديد من المتغيرات، التي يرى الكاتب أنها تحتم التفكير في أساليب مبتكرة لردع العدوان الخارجي، فقد اعتمدت إسرائيل منذ نشأتها على الحرب الخارجية كأداة لإخضاع خصومها، مشيراً إلى حربي 1967و1973 اللتين اندلعتا في صحراء سيناء بعيداً عن الأراضي الإسرائيلية والتجمعات المدنية. هذه الاستراتيجية التي قامت على نقل المعركة إلى أرض العدو ترجع إلى واقع إسرائيل الذي يتميز بكثافة سكانية عالية في رقعة أرضية ضيقة، لكن بدءا من الانتفاضة الأولى في العام 1987 وانتهاء بالصواريخ التي تطلقها "حماس" من قطاع غزة، بالإضافة إلى العمليات التي تنفذ داخل إسرائيل انتقلت المعركة إلى الجبهة الداخلية ولم يعد للقوات العسكرية دور كبير في الحرب الدائرة حالياً. وأمام هذا الوضع يقترح الكاتب تكثيف العمليات داخل أراضي الخصم مثل استهداف القيادات الميدانية وتنفيذ الاغتيالات الموجهة، أو اللجوء إلى ما يسميه الضربة الرادعة من خلال القيام بعملية كبيرة تستهدف سوريا مثلا في حال استمرار دعمها "لحزب الله" لتضع نظامها أمام خيار صعب. إعداد: زهير الكساب