حان الوقت لحل الأزمة الصومالية... ومشكلات ما بعد جوانتنامو ما العمل تجاه القرصنة على سواحل الصومال؟ وهل ثمة جدوى من الحوار مع "طالبان"؟ وكيف يمكن التعامل مع معتقلي جوانتنامو؟ تساؤلات نجيب عنها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. معضلة القراصنة: تحت عنوان "حرب مع القراصنة في أعالي البحار"، نشرت "لوس أنجلوس تايمز" أول من أمس الخميس افتتاحية، رأت خلالها أن قادة العالم تعاملوا بلامبالاة واضحة تجاه عمليات القرصنة التي جرت في سواحل الصومال، وعندما اختطفت السفينية الأوكرانية المحملة بالسلاح انتبه هؤلاء القادة، وأخذوا يبدون ملاحظاتهم. لكن بعد خطف ناقلة النفط السعودية، وهي أكبر سفينة تسقط في يد القراصنة، فإن الوقت قد حان لشنّ حرب على القرصنة. الناقلة بحجم حاملة طائرات وترتفع 33 قدماً عن سطح البحر، وقادرة على نقل مليوني برميل من النفط، وكلها تفاصيل ثير تساؤلات حول الطريقة التي ينفذ بها القراصنة هجماتهم. اللافت أن القراصنة استجابوا للإجراءات الأمنية المشددة وتحركوا من خليج عدن إلى مياه المحيط الهندي في مناطق تصعب حراستها بالدوريات البحرية. وعلى الرغم من أن سفن "الناتو" الحربية وقطع الأسطول الخامس الأميركي وبوارج حربية روسية وهندية قادرة على التعامل بنجاح مع سفن القراصنة، فإنه لا توجد إجراءات متفق عليها للتعامل مع القراصنة في حال تم القبض عليهم، فليس هناك بلد حاول أسر القراصنة أو سجنهم، ففي العادة تتم إعادتهم إلى زوارقهم بعد سحب أسلحتهم، وهذه طريقة غير رادعة. المشكلة الحقيقية التي يتفق عليها كثيرون، هي أن القرصنة باتت الشيء الأكثر ربحية في الصومال ذلك البلد الذي مزقته الحروب ويعيش منذ عام 1991 من دون حكومة مستقرة أو اقتصاد يمكن الاعتماد عليه. وإذا كان تسيير دوريات بحرية خطوة مهمة لمكافحة القرصنة على سواحل الصومال، فإن المطلوب مزيد من التدخل على الشواطئ. صحيح أنه لا توجد حلول سهلة لمعظم مشكلات الصومال، لكن ثمة الآن مخاوف من أن القرصنة تحمل تهديداً لإمدادات النفط العالمية، مما يعني أن الوقت قد حان للبدء في تجريب الحلول الصعبة للمشكلات الصومالية. "الحوار مع طالبان": هكذا عنونت "نيويورك تايمز" افتتاحيتها يوم أمس، مشيرة إلى أنه من الضروري بذل جهد للانتصار في أفغانستان خاصة على مستوى زعماء القبائل أو على مستوى المقاتلين الذين انضووا في صفوف "طالبان"؛ لأنهم لم يجدوا أمامهم أي خيار آخر. الرئيس المنتخب باراك أوباما منفتح على هذه المقاربة، كما أن قائد القوات الأميركية في أفغانستان، الجنرال ديفيد ماكرينان قال إنه بصدد تطبيق خطة لدمج المقاتلين في المجالس المحلية، بعد أن يرفضوا سياسات "طالبان" ويقبلوا بالحقوق المدنية الأساسية وبالحريات السياسية وفق الدستور الأفغاني. لكن في الوقت نفسه، لدى الصحيفة شكوك في أن أي اتفاق مع قادة "طالبان" الذين قدموا لـ"القاعدة" ملاذات آمنة في أفغانستان قبل الحادي عشر من سبتمبر سيجعل هؤلاء القادة يصرون على فرض رؤاهم القمعية من جديد، خاصة ما يتعلق بتعليم المرأة وتقديم الرعاية الصحية لها. ولدى الصحيفة مخاوف من أن بعض أعضاء "الناتو" متشوقون جداً لسحب قواتهم من أفغانستان، وتمتد المخاوف من أن الرئيس الأفغاني حامد قرضاي متشوق لإجراء تسوية على الساحة الأفغانية تعزز فرص فوزه في الانتخابات، وضمن هذا الإطار، أثارت تصريحات قرضاي قلق مساعدي أوباما عند طرح التفاوض مع الملا عمر. فرصة أفغانستان الوحيدة، تكمن في التزام أميركي طويل الأجل يتضمن دعماً اقتصادياً وسياسياً. ويتعين على واشنطن أن تمزج بين الحوافز والضغوط كي تقنع باكستان بإغلاق أي ملاذات آمنة في وجه "طالبان" و"القاعدة". وبالنسبة للرئيس الأفغاني، تقول الصحيفة إن عليه قطع علاقاته مع المسؤولين الفاسدين وتعزير قوات الشرطة المدنية، على أن يكون ذلك جزءاً من استراتيجية التفاوض مع زعماء القبائل والمقاتلين، ويجب على المسؤولين السعوديين والباكستانيين مواصلة جهود الوساطة. غير أن القوات الأطلسية والأميركية سيتعين عليها مواصلة هجماتها ضد المتمردين خلال فصل الشتاء، وبذل مزيد من الجهد للحد من خسائر المدنيين. وبدلاً من أن يسلم الرئيس بوش الملف الأفغاني - كما هو- لخلفه، فإن عليه المسارعة في نشر 20 ألف جندي التي طلبها العسكريون الأميركيون، ويتعين توفير الإمدادات الغذائية للأفغان؛ لأن انتشار الجوع سيقودهم نحو الانضمام لـ"طالبان". "كفى": كلمة اختارتها "الواشنطن بوست" عنواناً لافتتاحيتها يوم أمس الجمعة قائلة: (سبع سنوات... كافية- التي وردت على لسان القاضي ريتشارد ليون، الذي أمر بإطلاق سراح خمسة جزائريين كانوا محتجزين منذ عام 2002)... وحسب الصحيفة، فإن القاضي نفسه المعين من قبل الرئيس بوش وجه اتهاماً قوياً لقرارات الاعتقال الصادرة عن إدارة بوش، وقدم دليلاً قاطعاً على أهمية السماح للقضاء الفيدرالي بتقييم الأدلة السرية التي بررت بها الإدارة قرارات الاعتقال. القضية التي بتّ فيها "ليون" تُعرف باسم (بومدين ضد بوش)، وهي الأولى من نوعها التي يتم منح معتقلين في جوانتنامو حق المثول أمام المحكمة والطعن في قرار اعتقالهم. البداية كانت في عام 2004 وآنذاك لم يسمح لهم بمراجعة قرار اعتقالهم أمام محكمة فيدرالية، لكنهم استأنفوا الحكم صيف العام الحالي بعدما أصدرت المحكمة الأميركية العليا قراراً يمكن القضاه الفيدراليين من مراجعة قرارات اعتقال المحتجزين في جوانتنامو. وفي خطوة غير عادية، حث القاضي "ليون" وزارة العدل بألا يستأنف حكمه بالإفراج عن الجزائريين الخمسة قائلاً: (سبع سنوات من الانتظار أمام نظامنا القضائي للحصول على إجابة بخصوص وضعهم القانوني كافية). خيارات ملتوية في جوانتنامو: هكذا عنون "بينيامين ويتس" مقاله يوم أمس في "الواشنطن بوست"، مستنتجاً أن إغلاق معتقل جوانتنامو ليس سهلاً، على الأقل إذا كان أوباما يعني تغيير سياسة الاعتقال بدلاً من تغيير مكان المعتقل. الرئيس المنتخب يستطيع الوفاء بوعده الخاص بإغلاق جوانتناموا من خلال نقل المحتجزين فيه إلى مكان آخر مع الاستمرار في الإبقاء على صفتهم كـ"مقاتلين أعداء"... حل مشكلة جوانتنامو تتطلب قرارات صعبة حول سياسة الاعتقال في ظل الحرب على الإرهاب، وهو ما يثير تساؤلات منها: هل يتعين على الولايات المتحدة الانخراط في سياسة اعتقال وقائي ضد المشتبه فيهم؟ وما هي الحقوق التي سيتمتع بها المعتقلون؟ وهل سيخضعون لقوانين الحرب أم لقوانين أخرى؟ المشكلة تكمن أيضاً في وجود ثلاثة أنواع من المعتقلين في جوانتناموا أولهم معتقلون يمكن محاكمتهم على جرائم جنائية، وثانيهم مجموعة يجب إطلاق سراحهم، لكن ثمة مخاوف من تعرضهم للأذي في حال تسليمهم لحكوماتهم، وهناك مجموعة من الخطر جداً إطلاق سراحها، علماً بأنه لا يمكن توجيه تهم جنائية ضد عناصرها. إعداد: طه حسيب