تنطوي كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، التي ألقاها، أول من أمس، في افتتاح دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الرابع عشر لـ"المجلس الوطني الاتحادي"، على الخطوط العريضة التي يمكن أن تمثّل خريطة طريق لأداء المجلس وأعضائه خلال المرحلة المقبلة من العمل الوطني. منهج العمل وخريطة الطريق اللذان انطوى عليهما خطاب سموه، ينطلقان من ركائز عدة، أولاها القناعة الراسخة لدى القيادة السياسية بأهمية دور الأعضاء، والذي يمثل "أمانة كبرى" منوطة بالمجلس في هذه المرحلة، وهي أمانة تستحق أن توظّف من أجلها إمكانات الأعضاء وصلاحياتهم، من أجل رصد اهتمامات المواطنين، وتحويلها إلى برامج عمل، ورصد السلبيات والإيجابيات، وتحويلها إلى أسئلة تُطرح تحت قبة المجلس، وتناقش مع الجهات المختصة. الركيزة الثانية هي أن هناك تطلعات شعبية ينتظرها الشارع الإماراتي من "المجلس الوطني الاتحادي"، وغيره من المؤسسات الاتحادية والمحلية، وقد عبّر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن ذلك بقوله إن "شعب الإمارات ينتظر الكثير". والتجاوب مع هذه التطلعات بالطبع يستوجب تسخير الجهود والطاقات من أجل تحقيقها، انطلاقاً من أن الأولوية الوطنية المطلقة هي لخدمة الوطن والمواطنين، كما قال سموه، وكذلك انطلاقاً من أن خدمة الوطن والمواطنين، تقتضي بذل مزيد من الجهد، وتلمّس نبض المواطنين، والتعرف إلى همومهم، وعدم الاكتفاء بالاجتماعات الرسمية، بحيث تصبح أولويات العمل البرلماني انعكاساً حقيقياً لأولوية المواطن العادي، بحيث يصبح المجلس، بأدائه وتفاعله مع من يمثلهم، مرآة حقيقية ينعكس من خلالها الواقع الحقيقي، بما يخدم آليات صناعة القرار، ويدعم خطط التنمية في شتى المجالات. هذا الخطاب يشير إلى أن من أبرز أولويات المرحلة المقبلة في العمل البرلماني، صياغة جدول أعمال يعبّر عن الواقع الفعلي لاهتمامات المواطنين، على اعتبار أن طبيعة المرحلة الحالية من مسيرة عملية التنمية المستدامة، تتطلب تضافر الجهات والهيئات الاتحادية والمحلية كافة، في الاضطلاع بأجندة التنمية، وفي القلب منها بطبيعة الحال، التصدي لأي إشكاليات يعانيها المواطنون، والتجاوب مع تطلعاتهم، وترجمة أمانيهم في وجود مجلس قادر على التواصل مع همومهم، والتعبير عنهم، وإسماع صوتهم، والإسهام في حل مشكلاتهم بجديّة وإصرار. جوهر صلاحيات المجلس يسمح بأداء هذه المهام الوطنية، من خلال الأدوات التشريعية المتاحة، باعتبار أن الإطار الحالي الناظم لعمل المجلس، وعلى الرغم من وجاهة الدعوات إلى المزيد من تطويره لجهة تعظيم مكانة السلطة التشريعية في مرحلة مقبلة، لا يحول دون أن يقوم الأعضاء بدور ملموس على صعيد ممارسة مسؤولياتهم النيابية، بشقيها التشريعي والرقابي، ومن ثمّ، فإن مسؤولية تفعيل دور المجلس خلال المرحلة الحالية تقع في جانب كبير منها على أعضاء المجلس، الذين ينبغي لهم أن يوظّفوا ما لهم من صلاحيات، لتعظيم دورهم، والوصول به إلى المستوى المأمول، وعلى النحو الذي يدعم التوجهات الخاصة بتدعيم دوره، وتفعيله بشكل أكبر في المرحلة المقبلة. "المجلس الوطني الاتحادي" يضم خبرات وطنية مخلصة ويحظى بدعم قوي من الدولة، ويمتلك من الصلاحيات ما يؤهله لأداء دور واضح في الحياة السياسية والعملية التنموية، وهناك دعم متواصل وثقة متجددة من جانب القيادة السياسية، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بأداء عضوات "المجلس الوطني الاتحادي"، اللاتي أثبتن خلال الدورة الماضية مقدرتهن على أداء دور برلماني يتناسب مع ما وصلت إليه المرأة في الإمارات من رقي وتقدم، ومع الصورة الحضارية المشرفة لها في شتى ميادين العمل والإنتاج، وذلك كله يتيح للمجلس وأعضائه جميعاً خلال المرحلة المقبلة هامش حركة مناسباً نحو تعميق دوره في الحياة العامة.