كشفت دراسة علمية جديدة أعدها فريق باحثين من "جامعة فولرتون" بولاية كاليفورنيا عن أن اقتصاد الولاية يخسر سنوياً حوالي 28 مليار دولار بسبب الوفيات المبكرة ذات الصلة بتلويث طبقة الأوزون وغيرها من الشوائب الدخانية التي تؤثر على مئات المواقع في منخفضات الساحل الجنوبي وسان جواكين الهوائية. ويرتبط الجزء الغالب من هذه التكلفة -حوالي 25 مليار دولار سنوياً- بالوفيات الناجمة عن الدخان الضبابي، التي يقدر عددها بحوالي 3 آلاف حالة سنوياً. ولكن هناك عوامل أخرى إضافية مثل الغياب من الفصول الدراسية وأماكن العمل والإصابة بالأمراض الطارئة ونوبات الربو وغيرها من أمراض الجهاز التنفسي. ذلك هو ما أكدته البروفيسور "جين هول"، أستاذة الاقتصاد ومنسقة معهد الدراسات الاقتصادية والبيئية التابع للجامعة. وتكمن القيمة الرئيسية لهذه الدراسة في تأكيدها لأهمية الاستجابة المحلية لمعايير جودة الهواء الفيدرالية، في وقت يزداد فيه صراع المشرعين والقانونيين من أجل ضمان التزام ولاية كاليفورنيا بحماية الصحة العامة لمواطنيها في ظل ظروف اقتصادية تتسم بالضعف العام، جراء الأزمة الاقتصادية الراهنة. ولم تحدد الدراسة التي بلغت تكلفتها 90 ألف دولار أي مقترحات عمل تطبيقية في تقريرها الختامي، إلا إنه نقل عن البروفيسور "هول" قولها: ولكننا سوف ندفع الثمن بطريقة أو بأخرى: فإما سددنا فاتورة حل المشكلة التي تناولتها الدراسة، أو تركنا المشكلة لتستمر فندفع ثمنها عن طريق الوفيات وسوء الصحة العامة للمواطنين. ومضت البروفيسور "هول"مستطردة في القول: إن هذه الدراسة تضيف لغزاً آخر في وقت يصارع فيه المشرعون من أجل تحديد النقطة التي يبدأون منها. ومن المرتقب أن يصوت "مجلس كاليفورنيا للموارد الهوائية" في الحادي عشر من شهر ديسمبر المقبل على إقرار نظم وقواعد تنظيمية حدودية جديدة يراد بها إلزام ما يزيد على مليون شاحنة من الشاحنات الكبيرة التي تعمل بوقود الديزل، بتركيب مصاف أعلى كفاءة في تصفية انبعاثاتها من الغازات السامة، أو تحديث محركاتها. ومن جانبهم احتج أصحاب الشاحنات والاستثمارات الزراعية على فرض قوانين ونظم أكثر تشدداً وتقييداً لأعمالهم بحجة ارتفاع تكلفة الاستثمار في المحركات النظيفة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد القومي إحدى أعمق أزماته. أما "ماري نيكولس" رئيسة "مجلس كاليفورنيا للموارد الهوائية"، فترى أن النتائج العلمية التي توصلت إليها الدراسة ستكون عوناً كبيراً للمجلس، ولكل المهتمين بهذه المشكلة. فكثيراً ما يسمع أعضاء المجلس من القواعد الانتخابية التي تبدي قلقاً واضحاً على التكلفة المالية لتشريعات جودة الهواء، ولكنهم قلما سمعوا شيئاً من جانب المعنيين بالاهتمام بالصحة العامة لسكان الولاية. ويعود السبب وراء هذا التفاوت إلى أن الفئة الأخيرة من المواطنين ليست بمستوى تنظيم وتنسيق فئة المستثمرين، سواء على المستوى الفردي أم الجماعي. وفي الوقت الراهن تفرض رسوم اسمية تقريباً على منطقتي التلوث الهوائي الرئيسيتين في الولاية، وهما تعدان بين الأسوأ على مستوى الولايات المتحدة الأميركية كلها. وتبلغ تكلفة التلوث السنوي في منطقة الساحل الجنوبي حوالي 1250 دولارا عن الفرد الواحد، وهو الرقم الذي يصل إلى نحو 22 مليار دولار من المدخرات السنوية فيما لو تم الالتزام بمعايير جودة الهواء الفيدرالية، على حد قول البروفيسور "هول". أما في منخفض "سان جواكين" الجوي، فتصل التكلفة السنوية إلى حوالي 1600دولار عن الفرد الواحد، ما يعني 6 مليارات دولار من المدخرات في حال الالتزام بالمعايير المشار إليها. وتنشأ هذه المدخرات من انخفاض معدل الوفيات المبكرة بنحو 3800 حالة سنوياً بين المواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 عاماً فما فوق، ومن انخفاض حالات الغياب من الفصول الدراسية بين الطلاب إلى 1.2 مليون حالة سنوياً، وكذلك انخفاض حالات إصابة الأطفال بأمراض الجهاز التنفسي إلى 200 حالة سنوياً، وانخفاض حالات الغياب عن العمل إلى 467 ألف حالة، إلى جانب انخفاض حالات إدخال المرضى إلى المستشفى لمدد أطول من العلاج إلى حوالي 2700 حالة سنوياً. كما لاحظت الدراسة أن من شأن التزام الولاية بالمعايير الفيدرالية لجودة الهواء سوف يساعد كثيراً في خفض حالات الوفيات وإنقاذ الكثير من الأرواح، أكثر مما يساعد على خفض الوفيات الناجمة عن الحوادث المرورية إلى درجة الصفر، في معظم مناطق الولاية التي شملتها الدراسة. ويعد سكان مقاطعتي "كيرن" و"فريزنو" الأكثر تضرراً من الناحية الصحية، لكونهم يتعرضون بنسبة 100 في المائة لتركيز الانبعاثات الغازية السامة بمستوى يفوق كثيراً معايير جودة الهواء الفيدرالية لعامي 2005 و2007. كما لوحظت معدلات تعرض كبير لهذه الغازات والشوائب في مقاطعتي "براناردينو" و"ريفرسايد" حيث تنبعث هذه الغازات وتنتشر في الهواء ثم تحبسها أربع سلاسل جبلية محيطة بالمقاطعتين. وتعد هذه الشوائب الدخانية من أسوأ الملوثات البيئية وأشدها فتكاً بالبشر. وهي تنبعث بكثافة من عوادم الشاحنات والجرارات العملاقة، إضافة إلى مداخن المصانع وغيرها من المنشآت والمعدات. وبسبب دقتها وصغر حجمها -لدرجة أنها تسمى علمياً بالشوائب المجهرية- فهي تخترق الشعب الهوائية ومنها إلى الرئة لتنتقل منها إلى دم الإنسان كله. وتتسبب الشوائب هذه في الإصابة بمرض الربو والسرطان وفي الوفيات المبكرة بأمراض القلب والرئة. لويس ساهجن كاتبة أميركية متخصصة في الشؤون العلمية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"