يأتي دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الرابع عشر لـ"المجلس الوطني الاتحادي"، الذي افتتح أعماله، أمس، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي -رعاه الله-، على خلفيّة العديد من الموضوعات التي تفرض نفسها على أجندة العمل الوطني خلال المرحلة الراهنة. ويبدو من المؤشرات أن جلسات دور الانعقاد الثالث لن تقلّ نشاطاً وفاعلية عن دور الانعقاد السابق، الذي افتتح في التاسع عشر من نوفمبر من العام الماضي، واستمر حتى الأول من يوليو الماضي، وشهد حركة برلمانية دؤوبة تضمّنت خمس عشرة جلسة استغرقت نحو 218 ساعة تقريباً. دور الانعقاد السابق تميّز بالنشاط المكثّف على صعيد العمل البرلماني الإقليمي والدولي أيضاً، واللافت للنظر أن معظم هذه المشاركات قد اتّسمت بالفاعلية، وتجلّت في العديد منها الدبلوماسية البرلمانية الإماراتية، بشكل لافت للنظر، ما حقّق مكاسب نوعيّة لأجندة العمل الإماراتي على صعيد بعض القضايا الحيوية، ولاسيّما قضية الجزر الثلاث المحتلة (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، حيث نجحت الوفود البرلمانية لـ"المجلس الوطني الاتحادي" في كسب أرضية سياسية جديدة داعمة لموقف الإمارات وسيادتها على جزرها الثلاث التي تحتلها إيران. كما لعبت التحرّكات البرلمانية الخارجية دوراً ملموساً في تعزيز علاقات الدولة مع الدول التي شملتها جولات وفود "المجلس الوطني الاتحادي"، ما يفتح آفاقاً جديدة للعمل الدبلوماسي، ويقدّم إسناداً حيوياً لجهود توطيد علاقات الدولة مع جميع الدول الصديقة والشقيقة. نقاشات الدورة الماضية اتّسمت بالفاعلية، والرغبة الجماعية الصادقة من الأعضاء في تطوير الأداء البرلماني، وبرز خلالها الدور النسائي لعضوات المجلس الوطني، وقدمن، خلال مداولات المجلس، صورة مشرّفة للمرأة في الإمارات، ولكن شابها أيضاً الكثير من أوجه القصور، حيث غاب في كثير من الأحيان التنسيق بين الأعضاء عند مناقشة الموضوعات العامة، والتنسيق المقصود ليس بالضرورة مرادفاً للتوافق حيال مختلف القضايا، ولكنه يعني تنسيق المواقف، ودراسة ملفات الموضوعات المطروحة للنقاش دراسة مسبقة جيدة، من أجل أن يحصل كل موضوع على حقّه في النقاشات، والخروج بنتائج إيجابية من هذه النقاشات، ومن أجل تحقيق أقصى مردود ممكن للمصلحة العامة من وراء هذه النقاشات. كما يأخذ بعضهم على المجلس عدم مواكبته تطلّعات المواطنين حتى الآن، وفي هذه النقطة تحديداً هناك التباسات تتعلّق بضرورة التفرقة بين أداء المجلس مهامه في ضوء الصلاحيات القائمة من ناحية، وما ينتظره بعضهم من مهام ربما تتجاوز صلاحيات المجلس، ولا تندرج ضمن سلطاته التشريعية والرقابية. المأمول أن يزداد تواصل أعضاء المجلس مع قضايا المجتمع على النحو الذي يدعم التوجّهات الخاصة بتدعيم دوره وتفعيله بشكل أكبر في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن هناك قضايا تستحق مزيداً من اهتمام أعضاء المجلس، وتتطلّب من أعضائه مزيداً من الاحتكاك بالناس للتعرّف إلى واقع الحال، وأداء الدور البرلماني المنشود تجاه قضايا حيوية مثل "توابع" الأزمة المالية، وأي تأثيرات محتملة لها في الداخل الإماراتي. وهناك أيضاً ملفات ذات صلة مثل أداء البورصات المحلية، والقروض الشخصية، وغير ذلك من موضوعات ذات تماس مباشر مع الحياة اليومية للمواطنين. وما يدعو إلى التفاؤل بهذا الشأن أن "المجلس الوطني الاتحادي" يدرك أن له دوراً، سواء على مستوى النقاش، أو على مستوى علاج "الأزمة المالية العالمية"، وما يمكن أن تفرزه في اقتصادات دول العالم. وقد أثبت أعضاء المجلس إدراكهم هذه الحقيقة عندما طلب وفد المجلس إدراج بند طارئ بعنوان "دور البرلمانات في احتواء الأزمة المالية العالمية وأثرها في الاقتصادات الوطنية"، على جدول أعمال "المؤتمر البرلماني الدولي"، الذي عقد في أكتوبر الماضي. _______________________________ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية