عندما يكرّم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة -حفظه الله- أعضاء منتخب كرة القدم للشباب، الحاصل على "بطولة آسيا للشباب تحت 19 سنة"، فإن في ذلك "رمزيّة" تعني تكريم النجاح والتفوّق في كل المجالات، وبالأخصّ منتخب الأبيض الشاب، الذي يستحق هذا التكريم الرسمي رفيع المستوى، ويستحق أيضاً كل الحفاوة وحرارة اللقاء اللتين قوبل بهما منذ عودته إلى أرض الوطن، مساء السبت الماضي، قادماً من الأراضي السعودية على متن طائرة خاصة أمر بها الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، حيث استُقبل المنتخب بالورود في "المطار الأميري"، وكان على رأس مستقبليه سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن الوطني، رئيس مجلس أبوظبي الرياضي. هذه الكوكبة من شباب الإمارات، الذين حصلوا على "بطولة آسيا للشباب تحت 19 سنة"، للمرة الأولى في تاريخ البلاد، هم بحقٍّ منبع أمل، وموضع فخر واعتزاز، وعلامة بارزة على أن شبابنا بخير، وأن هؤلاء الشباب قادرون على تحمّل المسؤولية، وتحقيق الكثير في مختلف المجالات، في حال توافرت لهم أسباب التفوّق والتميّز؛ فقد حقّق فريق الشباب إنجازاً تاريخياً بامتياز، ليس فقط لكونه فاز على أعتى الفرق الآسيوية، ولكنه أيضاً انفرد بحصد "العلامة الكاملة"، بفوزه في جميع مبارياته خلال مشواره في البطولة، ليعود حاملاً كأس البطولة عن جدارة واستحقاق. يستحق هؤلاء الأبطال أن تطوَّق أعناقهم بالورود، بعد أن أحسنوا تمثيل الإمارات، ورفعوا اسمها عالياً، وحقّقوا لها إنجازاً غير مسبوق، وصنعوا الفرحة، ورسموا ابتسامات الأمل والتفاؤل بغدٍ مشرق وواعد لكرة القدم الإماراتية. "منتخب الأمل" يستحق من جميع الجهات المعنية توفير سبل الدعم والمساندة، ليس فقط على الصعيد المادي، ولكن أيضاً على صعيد التخطيط من أجل استثمار هذا النجاح، والمحافظة على هذا الجيل الذهبي من اللاعبين، كي يواصلوا مشوارهم الكروي بالتوهّج والنجاح أنفسهما، ويحقّقوا لكرة الإمارات مزيداً من النجاحات المشرّفة خلال السنوات المقبلة، وفي ذلك تتنوّع الأدوار والمسؤوليات والواجبات. هذا الفريق بات أمانة في أعناق المنظومة الرياضية بمختلف أطرافها، حتى لا يكون بلوغ كأس العالم للشباب، العام المقبل، نهاية المطاف، وحلم المحطة الأخيرة، فالمشاركة في هذه البطولة "ينبغي ألا تكون لمجرّد الوجود، أو تكون نهاية الطموح، بالنسبة إلى هذا المنتخب"، كما قال سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، في تصريحاته خلال استقبال سموه هذا الفريق الواعد في "المطار الأميري". المحافظة على هذا الإنجاز، ومواصلة درب النجاح، تقتضيان مسؤوليات عدّة لا تقع على كاهل اتحاد كرة القدم، والأجهزة الرياضية المعنية فقط، بل تقع أيضاً على الأندية التي ينتمي إليها هذا الجيل من اللاعبين، للمحافظة عليهم، وتنمية مهاراتهم وصقلها بمزيد من الخبرة والاحتكاك المحلي والدولي والإعداد الجيد؛ وهناك أيضاً مسؤولية الإعلام الرياضي، الذي تتسبّب بعض وسائله، أحياناً، في "وأد" الكثير من المواهب الكرويّة التي تبشّر بالخير، أو على الأقل التسبّب في تراجع مستواها من خلال الإفراط في "التدليل"، والمبالغة في إطلاق الألقاب والصفات إلى درجة تغذية الشعور بالثقة المفرطة والغرور، وغير ذلك من أمور لا تتماشى مع طبيعة التنافس وروح البطولات، التي تتطلّب روحاً وثّابة دوماً للانطلاق نحو الأمام باعتبار أن الطموح إلى ما هو أكبر من كأس آسيا لكرة القدم، يظلّ حلماً مشروعاً لـ "الأبيض الشاب"، بعد أن أثبت هذا التفوّق وتلك الجدارة على منتخبات آسيوية عريقة، ومن خلال طاقات وطنية خالصة. إنجازات كرة القدم الإماراتية في السنوات الأخيرة، هي تأكيد إضافي أن النجاح التنموي منظومة متكاملة تجد صداها في الرياضة، كما الصناعة والتجارة والاقتصاد، فشكراً لشباب "الأبيض" الواعد، وإلى الحلم الأكبر في كأس العالم للشباب 2009. ـــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.