يتناول كتاب" التغيير الذي نؤمن به: خطة باراك أوباما لتجديد الوعد الأميركي"، والذي نعرضه هنا، خطط الرئيس الأميركي الجديد وأفكاره بشأن الطرائق التي يمكن بها للولايات المتحدة معالجة المشكلات العديدة التي ورطتها فيها إدارة بوش، والتي يرى الكثيرون أنها من أسوأ الإدارات التي تولت حكم أميركا، إن لم تكن أسوأها. فبالإضافة للأفكار المتعلقة بكيفية التعامل مع أكبر مشكلتين تواجهان أميركا حالياً (العراق وأفغانستان)، يقدم أوباما أفكاراً وخططا للتعامل مع المشكلات الأخرى المتعلقة بالاقتصاد والمجتمع والطاقة. ولا يفوت على أوباما وهو يقترح تلك الخطط والسياسات أن يدعو الأميركيين للأسهام في حل تلك المشكلات التي تواجه بلادهم، وإلى التزود بالمعارف والمهارات التي ستساعدهم على استعادة التفوق الذي كانت تتمتع به في المجالات العلمية والتقنية والذي تعرض لتحديات خطيرة في السنوات الماضية من جانب الأمم الأخرى ممن تفوق أبناؤها على الأميركيين، وهو يؤكد لهم أن ذلك لن يساهم فقط في تحويل أحوالهم المادية بل سيساعد في النهاية على رفع مستوى الرخاء في المجتمع الأميركي. ويعد هذا الكتاب رداً بليغاً من سيناتور ألينوي، والرئيس المنتخب للولايات المتحدة، الذي كان انتخابه بمثابة مفاجأة مدوية هزت العالم من أقصاه إلى أقصاه، وساهمت إلى حد كبير في جعل كثير من الناس يعيدون النظر إلى الولايات المتحدة التي تأثرت صورتها كثيراً خلال سنوات حكم الإدارة الحالية. نعم، يعد هذا الكتاب رداً بليغا على حملة التشهير التي شنها اليمين الأميركي المتعصب على أوباما خلال الحملة الانتخابية، والتي لم تقتصر على الغمز من أصوله الأفريقية والإسلامية بل تعدت ذلك إلى اتهامه بأنه رجل ذو مظهر براق بالثقافة وباطن أجوف، وأن جزءاً كبيراً من الشعبية والإعجاب اللذين نالهما يرجع إلى كونه خطيباً مفوهاً وشاباً متحمساً يفتقر إلى العمق الفكري والخبرة العملية، خصوصاً في مجال السياسة الخارجية، وأنه لا يملك خططاً عملية متماسكة وقابلة للتطبيق. يفند أوباما تلك الهجمات والانتقادات التي طالته، فيناقش في هذا الكتاب، وبدرجة كبيرة من العمق والرصانة، طائفة من الأفكار والخطط التي يرى أنها كفيلة بحل كثير من المشكلات التي تعاني منها أميركا حالياً. إضافة لذلك يسرد أوباما الأسس والمنطلقات النظرية التي ستعتمد عليها إدارته في عملها وفي تنفيذ تلك الخطط وحل تلك المشكلات. ومن خلال ذلك، يمكن للقارئ أن يلمس بوضوح أن السيناتور يعرف ما يريد، وأنه ليس رجلا أجوف، وأن لديه خططاً متكاملة لعلاج أوجه القصور وتحقيق الأهداف المطلوبة وأن كل ما قيل عنه كان مجرد افتراءات باطلة ارتدت على أصحابها في النهاية والذين منوا بهزيمة مهينة في الانتخابات. ويمكن تقسيم الكتاب بشكل عام إلى قسمين رئيسين: الأول، تحت عنوان"الخطة"، والثاني بعنوان "النداء". في القسم الأول يتناول أوباما أجندته السياسية بالتفصيل موضحاً أنه عمل على تجميع كل مجموعة من السياسات حول موضوع عام موحد مثل "السياسات الخاصة بالاستثمار في رخائنا" مثلا، ثم قسم تلك الأفكار وربطها بمجالات محددة مثل الرعاية الصحية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، و"تخضير" الصناعات الأميركية، والخطط الرامية للتحكم في الانتشار النووي، وإصلاح سياسات الهجرة، وإجراءات حماية البيئة. وقد صدر الكتاب قبل الانتخابات بأسابيع قليلة، موفراً الفرصة لأي ناخب متردد لمعرفة وجهة نظر أوباما في كافة الموضوعات التي تهم الناخبين الأميركيين عادة، وكذلك الوجهة التي سيلكها بشأن هذه القضايا إذا ما أصبح رئيساً لأميركا. أما الجزء الثاني من الكتاب (النداء) فهو عبارة عن سرد حكائي، يمكن للقراء المختلفين أن يجدوا فيه إلهاماً يرشدهم في اختياراتهم، فهو يحتوي على سبع خطب منتقاة ألقاها أوباما من قبل، وأثناء حملته الانتخابية سواء جزئها الأول للفوز بترشيح حزبه، أو جزئها الثاني للفوز بمنصب رئيس الجمهورية، ولعل من أبرزها الخطاب الذي أعلن فيه ترشحه لخوض الانتخابات، والخطاب الذي أطلق عليه اسم "اتحاد أكثر كمالا" والذي ألقاه في ولاية فيلادلفيا أثناء الحملة، وتناول فيه الكيفية التي يمكن التوصل من خلالها إلى تسوية ودية بين الأميركيين بشأن العلاقة بين الأعراق المختلفة، وكذلك الخطاب الذي حظي بكثير من الإعجاب والمسمى خطاب "عالم يقف ككتلة واحدة"، وهو خطاب ألقاه تحت قوس النصر ببرلين أمام عشرات الآلاف ودعا فيها أوروبا وأميركا إلى التوحد في مواجهة التهديدات والتحديات التي تواجه العالم. يمكن في نهاية هذا العرض القول إن قراءة هذا الكتاب تعد مفيدة لمؤيدي أوباما في أميركا وخارجها ممن كانوا بحاجة إلى معرفة المزيد عن أفكار الرئيس الأميركي الجديد، والأسباب التي جعلت منه رجلا قادراً على إحداث التغيير. وقادراً على تحقيق الوعد الأميركي، والتخلص من كافة الأدران التي تعرضت لها إميركا في السنوات الأخيرة، وهدم الحواجز العنصرية التي كانت تحول دون وصول رجل مثل "باراك أوباما" إلى أعلى منصب البلاد. سعيد كامل -------------- الكتاب: التغيير الذي نؤمن به: خطة باراك أوباما لتجديد الوعد الأميركي المؤلف: باراك أوباما الناشر: ثري ريفرز برس تاريخ النشر: 2008