عندما كانت المعركة الانتخابية تقترب من نهايتها يوم الأربعاء الماضي، انتابني ذلك الشعور المعتاد بالقشعريرة الذي يعتريني أحياناً كلما تذكرت حادث مصرع الأميرة ديانا، وتذكرت أن تغطية وسائل الإعلام لهذا الحادث كانت تتصف بقدر مبالغ فيه من الإثارة. ليس قصدي من ذلك الإيحاء بأن ما جرى في الرابع من نوفمبر الحالي، كان يشبه ما حدث في أغسطس 1997، كما لا أعتقد أيضاً أني أكشف الكثير للقارئ الفطن، عندما أُلمح إلى أن هناك شيئاً ما كان ممتزجاً مع ذلك الابتهاج المشروع بكسر حاجز عنصري. هذا الشيء هو لمسة، مجرد لمسة، من ذلك الإعجاب الذي يصل إلى حد العبادة للمشاهير، والذي يقترن بشخصيات مثل الأميرة ديانا لا بشخصيات مثل الأمير تشارلز، أو البابا يوحنا بولس الثاني، أو حتى البابا بيندكيت السادس عشر... لكنه بالتأكيد يقترن بشخصية مثل باراك أوباما. نعم إنه ذلك الشيء الذي جعل رد فعل الرجال الناضجين والنساء الناضجات مؤخراً هو الصراخ إعجاباً لدى رؤية أوباما وهو يصعد إلى منصة أقيمت في أحد منتزهات شيكاغو عقب فوزه. وتلك القدرة على الجمع بين جاذبية السياسي ونجم الروك ليست بالشيء الجديد، فهذا النوع من كاريزما المشاهير هو الذي اجتذب الجماهير المهللة المنتشية إلى السيناتور روبرت كنيدي شقيق الرئيس جون كنيدي أثناء حملته الانتخابية الأولية عام 1968. فكما يحكي "المؤرخ ثارستون كلارك" فإن ما حدث بعد أن ألقى كنيدي خطاباً له أثناء تلك الحملة هو "أن أمواجاً من الشباب اندفعت إلى المنصة التي كان يقف عليها، وحاول بعضهم مصافحته، كما أخذ آخرون يملسون شعره أو يجذبون أكمام قميصه حتى تمزقت، في إعجاب لا حد له". ما أود قوله هنا هو أن مناخ أعوام الستينيات كان مشحوناً بالأمل والتغيير والرغبة في التخلص من الإرث العنصري تماماً مثلما كان مناخ هذا العام في الحملة الانتخابية. بيد أن هناك فارقاً بين ما كان روبرت كنيدي يقوله وبين ما قاله أوباما هذا العام، وهو أن تأثير خطاب أوباما كان أضعاف تأثير خطاب كنيدي، وهو ما يرجع إلى ظاهرة العولمة والثورة الاتصالية التي أوجدت كثافة من البث التلفزيوني غير مسبوقة. وقد رأينا خلال تلك الانتخابات أشياء تبدو غريبة إلى حد كبير: فأن تعلن كينيا يوم انتخاب أوباما عيداً وطنياً لها لأن شاباً من أصول كينية قد انتخب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، هو شيء يمكن فهمه، لكن ما الذي يجعل الألمان يرقصون ويهتفون فرحاً بفوز أوباما؟ سبب استغرابنا هو أن أمتهم لم تنتخب شخصاً أسود ولا حتى تركياً أبيض كمستشار لها، وليس من المرجح أن تفعل هذا في أي وقت قريب. هل يعني هذا بالضرورة أن ذلك الاحتفال العالمي شيء سيئ؟ يرى البعض ذلك، ويرون أنه إن لم يكن كذلك، فمن المؤكد أنه ينم عن السطحية، ويتوقعون أن يعقبه إحباط بسبب ارتفاع سقف التوقعات. بل ويرون أن ذلك الإعجاب المبالغ فيه، والذي يصل إلى حد العبادة، يمكن أن يلهم القتلة تماماً مثلما حدث مع روبرت كنيدي الذي اغتيل رغم ما كان يحظى به من إعجاب هائل. قد يكون كل ذلك صحيحاً... وقد ينتهي الإعجاب فعلا بخيبة أمل... بيد أن هناك سؤالاً يطرح نفسه في هذا السياق: أليس هناك احتمال لأن تكون الاحتفالات الجماعية ملهمة أحياناً؟ أليس هناك احتمال لأن تكون تلك المشاعر هي مشاعر فرحة حقيقية بحدث ذي معنى كبير، وهو انتخاب أول رئيس أميركي أسود، بما يمثله ذلك من رمزية تتعلق بانتهاء أسوأ فصل في التاريخ الأميركي؟ نعم هناك احتمال لذلك، وهناك سبب آخر قد يدعونا للنشوة والفرح، وهو أن العالم من حولنا يخلو من الأنباء الطيبة، وهو ما يجعل مما حدث سبباً للأمل في استمرار ذلك الإحساس بنشوة الفرح على الأقل لبعض الوقت. آن أبلباوم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة "لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست"