المؤتمر الثاني لـ"منظمة المرأة العربية"، الذي يفتتح اليوم في أبوظبي، برعاية ورئاسة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة "الاتحاد النسائي العام"، الرئيس الأعلى لـ"مؤسسة التنمية الأسرية"، رئيسة "منظمة المرأة العربية"، يعدّ، بكل المعايير، محطة نوعية في جهود تنمية المرأة العربية وتعزيز دورها ومكانتها في مجتمعاتها. هذه الأهميّة التي يكتسبها المؤتمر تأتي انطلاقاً من اعتبارات عدّة، أولها الأولوية التي تحظى بها قضايا المرأة الإنسانية والتنموية من جانب سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة "منظمة المرأة العربية" في دورتها الحالية، والاعتبار الثاني نابع من المحاور والموضوعات المطروحة على أجندة المؤتمر، الذي يعقد تحت عنوان "المرأة في مفهوم وقضايا أمن الإنسان.. المنظور العربي والدولي" ويطرح ضمن هذا المحور مفهوم أمن الإنسان وما يطرحه هذا المفهوم بالنسبة إلى أمن المرأة ومدى أخذها في الاعتبار عند طرح هذا المفهوم ومناقشته من وجهتي النظر العربية والأجنبية؛ وضمن هذا المحور تناقش قضايا وتفتح ملفات في غاية الأهميّة مثل عولمة الاقتصاد وما إذا كانت عزّزت الأمن الاقتصادي للمرأة؟ والتعليم باعتباره المدخل لأمن المرأة، وتأثير الحروب والنزاعات المسلّحة في أمن المرأة، وهي قضايا ذات صلة وثيقة بالمرأة العربية التي تعاني في كثير من المناطق العربية ويلات الحروب والنزاعات والصراعات العسكرية والتوترات السياسية. لقد حظيت النقاشات ذات الصلة بقضايا المرأة العربية بقوة دفع نوعية خلال فترة تولّي سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئاسة الدورة الحالية لـ"منظمة المرأة العربية"، حيث برزت أنشطة المنظمة وتفاعلت سواء على المستويين الإعلامي أو الجماهيري، ما يشكّل بحدّ ذاته دفعة قوية للجهود الرامية إلى تحسين وضع المرأة العربية وتخفيف معاناتها الاجتماعية والاقتصادية، كما أسهم كذلك في نشر الوعي المجتمعي ليس بدور ومكانة المرأة فقط، ولكن بسبل معالجة مظاهر الافتئات على حقوقها المجتمعية والأسرية ضمن نظرة شمولية تعنى بشؤون المرأة في المجالات كافة الصحية والتعليمية والثقافية وغيرها أيضاً. ولا شكّ في أن الرعاية الكريمة لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك لمشروع الاستراتيجية الإعلامية للمرأة العربية، تعدّ مبادرة نوعية استراتيجية بالنظر إلى التأثير الهائل للإعلام في تشكيل القناعات وتغيير الذهنيات والاتجاهات، وغير ذلك من متطلّبات تبدو الكثير من مجتمعاتنا العربية بحاجة ملحّة إليها للتخلّص من الصور النمطية السلبية المقولبة حيال المرأة، فضلاً عن نشر الوعي وبناء اتجاهات جديدة وسلوكيات إيجابية حيال دور المرأة في المجتمعات باعتبارها شريكاً أساسياً في التنمية، خصوصاً أن هناك تشوّهاً والتباسات عديدة في الصورة النمطية للمرأة العربية، ناهيك عن القصور في تقديم الجهود الحقيقية التي تبذلها المرأة في كثير من مجتمعاتنا ضمن عملية التنمية. ولا شكّ في أن التجربة الإماراتية في هذا الإطار تعدّ ملمحاً بارزاً ومنارة يمكن الاقتداء بها، فالشواهد على إنجازات المرأة الإماراتية وتطوّر دورها أكبر من أن تُحصى، ولكن يكفي في هذا الصدد الإشارة إلى بعض الأمور، منها أن المرأة في الإمارات ليست موجودة في مجال واحد أو بعض المجالات دون أخرى وإنما أصبحت موجودة على المستويات كافة وفي المجالات كلها، فهي مشاركة قوية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، إضافة إلى الجوانب السياسية، فضلاً عن ذلك فإنها وصلت إلى القضاء والنيابة العامة وأصبحت سفيرة لبلادها في الخارج. ومنها أيضاً أن وضع المرأة الإماراتية يتحرّك دائماً إلى الأمام، بحيث يمكن القول إن إنجازاتها هذا العام أكبر منها العام الماضي، وهكذا تتوالى الإنجازات، لأن ما يحدث هو برنامج تمكين مدروس يحظى بقبول مجتمعي عام ينبع من سمة الانفتاح التي تميّز المجتمع الإماراتي.