تشير الإحصاءات إلى أن إمارة أبوظبي تحقّق نسبة نمو سياحي هي الأعلى عالمياً في هذا القطاع الحيوي، حيث تتوقّع الدراسات المتخصّصة نمواً سنوياً بمعدّل 12% لهذا القطاع خلال السنوات القليلة المقبلة، كما تؤكّد كذلك أن استراتيجية أبوظبي السياحية تتضمّن أهدافاً طموحة للمستقبل، حيث يتوقّع أن يصل عدد السيّاح إلى ثلاثة ملايين بحلول عام 2015، ولعلّ معدّلات الإشغال العالية في الفنادق ومؤشرات قطاع السياحة ذاته يعدّان مؤشرين حقيقيين على النمو. صناعة السفر والسياحة باتت من الصناعات بالغة الأهمية بالنسبة إلى اقتصادات دول العالم، حيث تؤكّد إحصاءات "المجلس العالمي للسفر والسياحة" أن السفر والسياحة هما أكبر صناعة في العالم من حيث إسهامهما في إجمالي الناتج القومي للعالم وإيجاد فرص العمل. كما أن الأنظار تتجه إلى الاقتصادات الصاعدة أو الناشئة، التي أصبحت، على نحو متزايد، قوى جديدة في سوق السفر والسياحة العالمي، حيث يتوقّع أن ترتفع قوة الإنفاق لدى المستهلكين في الاقتصادات الصاعدة من أربعة تريليونات عام 2006 إلى أكثر من تسعة تريليونات أي ما يقارب قوة الإنفاق لأوروبا الغربية، وبطبيعة الحال سيتّجه جزء من هذه القوة الشرائية الإضافية إلى السياحة، في الداخل والخارج. السياحة إذاً قطاع اقتصادي عالمي واعد، ودولة الإمارات باتت أحد أبرز فرسان السباق السياحي، ومن هنا يمكن فهم مغزى تصريحات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، خلال تدشين سموه رسمياً "منتجع جزر الصحراء" في جزيرة "صير بني ياس"، والتي أكّد فيها أهميّة قطاع السياحة البيئية الطبيعية وضرورة العمل على ترويجها باعتبارها رافداً إضافياً للسياحة الوطنية بما تمتلك من مقوّمات ذاتية مشجّعة. خطط تطوير السياحة في أبوظبي ترتكز على رؤية واضحة تسهم بشكل فاعل في التخطيط لمستقبل هذا القطاع وتوجيه استثماراته بالشكل الذي يخدم الخطط الموضوعة والرؤية المستقبلية، حيث تهدف أبوظبي إلى جذب شريحة معيّنة من السيّاح، والتركيز على السياحة الراقية، وتراهن على ما تمتلكه من مقوّمات وإمكانات سياحية متميّزة لجذب أعداد كبيرة من سيّاح هذه الشريحة، وذلك في سياق سعي الحكومة إلى تنويع اقتصاد الإمارة. كما أن أحد جوانب التميّز في خطط التطوير تتمثّل في أنها تسهم في تنمية المجتمع المحلي والبيئة المحيطة بالمشروعات السياحية، سواء لجهة توفير فرص عمل جديدة للمواطنين والمواطنات، أو الاستثمار في تطوير مهاراتهم الوظيفية بما يجعلهم رقماً حقيقياً في سوق العمل التنافسي. "جزر الصحراء"، الذي تمّ تدشينه رسمياً يوم الخميس الماضي، يعدّ أحد أبرز النماذج السياحية الفريدة من نوعها، حيث يشكّل المشروع وجهة سياحية متعدّدة الاستخدامات توفّر تجربة متكاملة، خصوصاً على صعيد التنمية المستدامة، وفي الجمع بين الحفاظ على الثروات الطبيعية من ناحية، والسياحة البيئية من ناحية ثانية. ويتضمّن المشروع مجموعة كبيرة من المرافق السياحية تشمل متنزّهات طبيعية ومواقع أثرية ومعالم تراثية للسياحة البيئية. إن السياحة البيئية في أبوظبي على أعتاب مرحلة جديدة، سيكون لها دورها المؤثر في تدعيم اقتصاد الإمارة وتنويع مصادره، وهذا الأمر يفرض المزيد من العمل لتعظيم الاستفادة المتوقّعة، وذلك من خلال تطوير المقوّمات الخاصة بهذا النوع من السياحة، والعمل على المزيد من الترويج لمكانة أبوظبي كوجهة للسياحة البيئية. ولا شكّ في أن النجاحات الكبيرة التي حقّقتها دولة الإمارات في مجال الحفاظ على البيئة وحماية الحياة الفطرية وتحقيق التنمية المستدامة، والتي تحظى بتقدير واحترام المنظمات والهيئات الدولية المعنية كافة تشكّل عاملاً مهمّاً لتفعيل السياحة البيئية في أبوظبي. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية