هناك العديد من الأسباب التي تدعو الخبراء إلى القول بأن العالم كله يعيش خلال هذه الفترة من تاريخه "عصر الأزمات"، الاقتصادية والطبيعية والاجتماعية والأمنية وغيرها، لذلك فقد أصبح تعميق الوعي والمعرفة بعلم ومفاهيم وآليات إدارة الأزمات أمراً أساسياً في أي استراتيجية متكاملة للتعامل الفاعل والعلمي مع الأخطار التي تواجه المجتمع. في هذا الإطار تبدي دولة الإمارات العربية المتحدة أهمية كبيرة لإدارة الأزمات والكوارث وتعمل على إيجاد البنية المؤسسية والعلمية والبشرية اللازمة لها، وهذا ما يتضح من إنشاء "الهيئة الوطنية لإدارة الأزمات والكوارث" التي تقوم على تنسيق الجهود ذات العلاقة بالطوارئ والأزمات على المستوى الوطني، ومؤتمر إدارة الطوارئ والأزمات، الذي عقد يومي الثالث والرابع من شهر مارس الماضي 2008، تحت رعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بمشاركة العديد من الخبراء والمتخصصين في هذا المجال، وتناول العديد من المحاور المهمّة مثل الأمن الإلكتروني، ومكافحة الإرهاب والكوارث البيئية والطبيعية وغيرها، ويجيء كذلك الإعلان، مؤخراً، من قِبل "الهيئة الوطنية لإدارة الأزمات والكوارث" عن التوجّه إلى إنشاء أكاديمية علمية متخصصة في أبوظبي معنيّة بإدارة الأزمات والكوارث. إن إنشاء هذه الأكاديمية سيكون خطوة نوعية متقدّمة في مجال اهتمام الدولة بإدارة الأزمات، حيث ستعمل من خلال برامجها العلمية والتدريبية على إعداد كوادر بشرية مواطنة متخصصة في هذا المجال المهم والحيوي، وبناء القاعدة العلمية المعرفية التي يمكن الاعتماد عليها في صياغة الخطط والاستراتيجيات اللازمة لإدارة الأزمات بأنواعها وأشكالها كافة، وهذا يتماشى مع التوجّهات العالمية في هذا السياق، حيث إن هناك العديد من المراكز العلمية المتخصصة في إدارة الأزمات في كثير من دول العالم تقوم بمنح الشهادات العلمية والتدريب والتعاون مع المؤسسات الحكومية والخاصة في صياغة برامج وخطط التعامل مع الأزمات والكوارث. لا يمكن لأي آليات أو مؤسسات أو هياكل يتم إنشاؤها بغرض التعامل مع الأزمات والطوارئ أن تحقق هدفها دون توافر شرطين: الشرط الأول هو قاعدة بشرية مدربة ولديها القدرة على التعامل مع حالات الطوارئ، والشرط الثاني هو قاعدة معرفية يتمّ الاستناد إليها في التخطيط والتدريب. هذان الشرطان تحققهما الأكاديمية الخاصة بإدارة الأزمات المزمع إنشاؤها في أبوظبي. ولعل من الإشارات ذات الدلالة في هذا السياق أن الإعلان عن التوجّه إلى إنشاء أكاديمية علمية متخصصة في إدارة الأزمات في أبوظبي، قد جاء متلازماً مع خبر نشرته "الصحف المحلية" حول تنفيذ شرطة العين تجربة عملية تدريبية للسيطرة على إضراب عمالي وهمي، في تأكيد على اهتمام الأجهزة المعنيّة بتحقيق الجاهزية اللازمة للتعامل مع أي موقف طارئ والتدريب على ذلك لتفادي أي ارتباك في وقت الأزمة ووضع الخطط الاستباقية والسيناريوهات المختلفة التي يمكن التعامل معها ومواجهتها. الهدف الأساسي لأي منظومة لإدارة الأزمات هو منع وقوع الأزمة والتعامل الفاعل معها حين وقوعها بما يقلل خسائرها إلى أقل حدٍّ ممكن، وهذا هو ما يكسب الخطوات الإماراتية على هذا الطريق أهميتها النوعية. ـــــــــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.