تقرؤون هذا العمود قبيل ساعات فقط من انتهاء أطول حملة انتخابية في التاريخ الأميركي وأكثرها تكلفة. وكل استطلاعات الرأي الوطنية تُظهر تقدم المرشح "الديمقراطي" باراك أوباما بهامش مريح، وكذلك استطلاعات الرأي في معظم الولايات الحاسمة التي على المرشح أن يفوز بها من أجل تأمين الأصوات الانتخابية الـ270 اللازمة للفوز بالانتخابات. وحالياً يتقدم أوباما في كل الولايات التي فاز بها جون كيري في 2004 وآل جور في 2000؛ كما يتقدم على منافسه "الجمهوري" جون ماكين في فرجينيا وفلوريدا وأوهايو ونيوهامبشير وكولورادو وآيوا ونيوميكسيكو -وهي ولايات فاز بها بوش في 2002 أو 2004. وعليه، فإن معظم المؤشرات تقول إن أوباما سيفوز؛ غير أن ثمة عوامل لا يمكن تقييمها يمكن أن تحدد نتيجة يوم الانتخابات ولابد من الانتباه إليها، وهي: دور العرق: تكثر الآن الأساليب القذرة باستخدام الرسائل الإلكترونية والمنشورات والمكالمات الهاتفية التي تسعى لنشر الخوف بين بعض الناخبين البيض. صحيح أنه من الواضح أن أوباما فاز بدعم معظم الناخبين السود وأكثر من ثلثي الناخبين اللاتين (إضافة إلى دعم ثلثي الناخبين الأميركيين العرب واليهود الأميركيين أيضاً!)، ولكن السؤال يظل مطروحا بخصوص إمكانية حدوث رد فعل معاكس من قبل البيض، وهي النتيجة التي تسعى هذه الحملة السلبية المحبوكة لتحقيقها. معدل المشاركة: يُتوقع أن تعرف هذه الانتخابات أكبر نسبة مشاركة في التاريخ الأميركي؛ ولكن من سيدلي بصوته يوم الاقتراع؟ وهل سيذهب العدد القياسي من الشباب والسود واللاتين والناخبين الجدد الذين سجلهم "الديمقراطيون" بالفعل إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم؟ الواقع أنه إذا كانت أعدادهم كبيرة، فالأرجح أن أوباما سيفوز؛ أما إذا صوتوا بنسب تقليدية فقط، فإن السباق سيكون متقارباً. إحباط الناخبين: هناك قلق من أن تفوق نسب مشاركة قياسية ممكنة استعدادات وقدرات بعض الولايات (مما يؤدي إلى طوابير انتظار طويلة جداً ومغادرة آلاف الناخبين لمكاتب الاقتراع قبل التصويت بسبب الإحباط، مثلما حدث في 2004). ثم إن بعض الدوائر أعلنت أنها ستقوم بنشرأفراد الشرطة في مراكز الاقتراع التي يتوقع أن تعرف إقبالاً مكثفاً. ولما كان الكثير من هذه المراكز يقع في أحياء الأميركيين الأفارقة، فإن السؤال هو: هل سيثني هذا الأمر بعض الناخبين عن المشاركة؟ المشاكل التقنية: بعد إخفاقات انتخابات 2000 و2004، اتضحت نقاط ضعف نظامنا الانتخابي. صحيح أن بعض المشاكل حُلت، ولكن الكثير منها مازال موجوداً. والواقع أنه منذ الآن ظهرت تقارير مقلقة تفيد بأن بعض الناخبين المبكرين في بعض الولايات وجدوا أن نظام لمس الشاشة سجل الصوت الذي منحوه لأوباما على أنه صوت لماكين. ثم إن العدد الضخم للناخبين الجدد المسجلين قد يطرح مشاكل إضافية، وكذلك الحال بالنسبة لقوائم الناخبين نفسها، حيث يمكن أن تؤدي الأخطاء بخصوص تسجيل الأسماء الجديدة والتغيرات التي طرأت مؤخراً على شروط التصويت إلى تلقي الكثير من الناخبين "بطاقات تصويت مؤقتة"، قد لا يتم احتسابها حتى تحكم المحاكم بشأن شرعية الشروط الجديدة. ولابد من التنبيه أيضاً إلى موشرات إضافية أخرى: المشاركة وسهولة التصويت: إذا كانت المشاركة كبيرة في المناطق الحضرية والمدن الجامعية (المعاقل الديمقراطية التقليدية) وإذا سارت عملية التصويت بشكل سلس عموما، فذلك سيكون مؤشرا جيدا بالنسبة للديمقراطيين. أما إذا كانت المشاركة عادية (على رغم التصويت المبكر) أو كانت ثمة تقارير حول وقوع اضطرابات تحمل الناخبين على البقاء في منازلهم، فإن النتيجة في هذه الحالة قد تكون غير مضمونة. ونظراً إلى أن على ماكين أن يفوز بكل الولايات التي يفوز بها "الجمهوريون" عادة (الولايات "الحمراء) أو الفوز ببنسلفانيا (الولاية الزرقاء" الوحيدة التي ينافس عليها)، فإنه إذا فاز أوباما ببنسلفانيا إضافة إلى واحدة من الولايات الحمراء سابقا -فلوريدا أو فرجينيا أو أوهايو- فإن نتيجة الانتخابات بكل وضوح ستكون من نصيبه. كما أن الفوز في هذه الولايات سيؤشر بالنسبة لأوباما إلى اتجاه يمكن أيضاً أن يستمر في ولايات حمراء أخرى، وبخاصة آيوا وكولورادو ونيوميكسيكو. ولكن وكما يقول لاعب البيسبول يوجي بيرا، فإن "اللعبة لا تنتهي حتى ينتهي اللعب".